cbdc3f488a5abba5شمس الروايات680264a202b2e6ce3eaf13e51404da58
️ الفصل الثالث – عيون في الظلالمع الفجر، استيقظت العاصمة على ضجيج الأسواق وحفيف رايات النبلاء. أما في الطابق السفلي من القصر، خلف جدران رطبة لم تطأها قدم منذ عشرين عامًا، كان ريفان ينهض من سكونه كشيء يخرج من أعماق الأرض.تحت عباءته الرمادية، خيّم صمت ثقيل على القبو القديم. أمام عينيه، ركع عشرون رجلًا وامرأة، رؤوسهم منحنية حتى تكاد تلامس الأرض. بعضهم بقايا فرسان سقطوا في عبودية الديون. وبعضهم قتلة مأجورون، انتزعوا من ساحات القتال. وفي عيونهم سواد لم يزل يشتعل.مرّ بينهم ببطء. صوته خرج هادئًا، كأنه لا يكلّف نفسه عناء رفع نبرة: "أنا لا أحتاج عبيدًا يطيعون خوفًا." "أحتاج من يفهم… أن ولائي لكم يساوي ولاءكم لي."تردّد صدى كلماته في العتمة. لم يرفع أحد رأسه. كأن الهواء نفسه تجمد.رفع يده اليمنى، فتألقت المانا في راحته وهجًا أزرق رقيقًا. مانا نقية… أغلبهم لم يشهد مثلها في حياته."هذا ليس شابًا عاديًا…" همسها أحدهم في قلبه، وقد ارتعدت يده."ابتداءً من هذه الليلة…" قالها ريفان ببرود لا يترك مجالًا للشك: "أنتم أول جذوري. أنتم سلاحي وسري." "إن خنتموني… لن يذكركم التاريخ أبدًا."رفع أحدهم رأسه ببطء، رجلٌ عجوز وجهه مليء بالندوب: "سيدي… لماذا تختارنا؟ نحن حثالة هذا العالم."حدّق ريفان في عينيه طويلًا، ثم انحنى للأمام، كأن صوته يخرج من هوةٍ قديمة: "لأن لا أحد يختار المنبوذين… إلا من يعرف قيمتهم."---بعد ساعات، حين انصرف العبيد إلى مخابئهم، وقف ريفان وحده في القبو المظلم. رفع كفه مرة أخرى. هذه المرة، استدعى المانا كلها. تدفقت في جسده حرارة هائلة، كأن عظامه نفسها تضيء.أغمض عينيه، فانفتحت في ظلام ذهنه آلاف الصفحات. صفحات كتابٍ لم يعد موجودًا، لأنه انصهر مع ذاكرته حين دُمر جسد الإمبراطور القديم. الآن صار هو الكتاب. هو السرّ الوحيد الباقي من تلك العصور."صقل المانا ليس تدريبًا… إنه إعلان وجود."فتح عينيه، وفي كفه تشكل خنجر أزرق شفاف، طافٍ فوق جلده. لو شاء، لذبح به أيًّا من أولئك الذين ظنوه ضعيفًا. لكنه لا يستعجل الدم… لكل شيء موعده.---حين عاد إلى جناحه في الطابق العلوي، دس نفسه في الفراش المهترئ. مدد ذراعيه فوق صدره، أغمض عينيه ببطء، وجعل أنفاسه تتثاقل كأن جسده شارف على الهلاك. تمامًا كما يريد.بعد قليل، طرق خادم باب الغرفة بخجل. "سيدي… هل أنت مستيقظ؟"لم يفتح عينيه. "تحدث.""يقال… إن السيدة ليانا إيريس فالين ستغادر العاصمة بعد أيام قليلة." "هناك مزاد في مدينة أرين… سيُعرض فيه شيءٌ نادر… شظية من السيف الأسطوري."سكت الخادم. انتظر ردًا. لكنه لم يسمع سوى أنفاسٍ هادئة.حين خرج وأغلق الباب، فتح ريفان عينيه ببطء. تأمل السقف المتهالك. ورغم الشحوب المصطنع على وجهه، تلألأت في عينيه تلك الشرارة القديمة… شرارة الإمبراطور الذي لا ينسى شيئًا."أول شظية…" "وهي هناك أيضًا…" "لن نلتقي الآن، يا ليانا… لكن موعدنا اقترب."في الظلمة، ضم قبضته على صدره، حيث تختبئ الذاكرة التي صارت أعظم كنز في هذا العالم. هو الكتاب. هو السيف. هو المصير.
09bd3319223493a3شمس الروايات4c9ac357d6a91d97bc3da1af715c73d3
e6527df0f67c9c11شمس الرواياتe65ae93bc74dc4b7dc03f5a74dace6f9