Ethereon - Planet Ascension

الفصل الثاني: انعكاس الظلال

a8f44d284550139bشمس الروايات3889bda77babcab15c871e5e5010f7a5

الفصل الثاني: انعكاس الظلالكان الصباح في إمبراطورية الزجاج لا يُشبه أي صباح.الشمس لا تُشرق هنا — بل تُنعكس.كل ضوءٍ يدخل المدينة يُعاد تقسيمه،حتى يصبح النهار مجرد سلسلةٍ من المرايا اللامتناهية.وقف آرون أمام إحدى المرايا الطويلة في قاعة الحكم.كان يحدّق في صورته،لكن وجهه لم يبدُ كما يعرفه.ثمة شحوبٌ طفيف، وانعطافة غريبة في الفم،كأن المرآة تعبّر عن شعورٍ لم يشعر به بعد.رفع يده،فرأى في انعكاسها ظلاً آخر يتحرك بعده بنصف نبضة.الظل كان أنثى.خُيّل له للحظةٍ أن شعرها يتحرك كغصنٍ مبلول،وأن خلفها غابة رمادية تتنفس ببطء.– من أنتِ؟قالها بصوتٍ منخفض، فاهتزّ الزجاج كبحيرة.لكن المرآة لم تجب،بل ارتجفت الصورة، وتحولت إلى مشهدٍ غامض:امرأةٌ تقف وسط الطين،تلمس الأرض كأنها تحاول سماع شيءٍ منها.كان يعرف وجهها، رغم أنه لم يَرَه قط.إيرين.ارتدّ الضوء فجأة، وتحطم السكون.آرون ابتعد خطوة،لكنه سمع صوتها في ذهنه كما لو كانت بجانبه:“النبضة توقفت… أسمعتَها؟”حدّق في الجدار الزجاجي خلفه،فرأى انعكاس نفسه يسأله السؤال ذاته.تراجع، وحين التفت،كانت المدينة قد انقسمت إلى آلاف المرايا الصغيرة،كل منها تعكس وجهه ووجهها في الوقت نفسه.⸻في الجهة الأخرى من الكوكب،كانت إيرين تسير ببطء في الغابة الرمادية.النبضة التي سمعتها بالأمس ما زالت تتردد في داخلها،لكنها الآن تسمع معها شيئًا جديدًا —صوتًا يشبه الانكسار، كما لو أن أحدهم كسر مرآةً بعيدة.رفعت رأسها، فرأت بين الأشجار ومضاتٍ من زجاجٍ مضاء،انعكاسات ضوء لا ينبغي أن تكون هنا،كأن الغابة صارت تمتلك وجوهًا زجاجية.اقتربت من واحدة منها،فوجدت نفسها تنظر إلى وجه رجلٍ يرتدي تاجًا نصفه من الضوء ونصفه من الظل.كان وجهه ساكنًا،لكن عينيه تتحركان كما لو كان يراها هي أيضًا.– من أنت؟همست.ولوهلةٍ، بدا أن فمه تحرّك بنفس الإيقاع،يردّد نفس السؤال… من أنت؟ثم اختفى كل شيء،وبقي في الهواء رنينٌ زجاجيّ طويل كأن الغابة تنكسر ببطء.⸻وفي رماد المدينة البعيدة،كانت ميرا تراقب شرارةً صغيرة تنبض بين الركام.رأت في الرماد وجوهًا تُرسم وتُمحى بسرعة،إحداها وجه امرأة تلمس الطين،والآخر وجه رجلٍ يحدّق في مرآة.“الغبار يتذكّر…” تمتمت ميرا.رفعت كفها،فانجذب الرماد إليها كأنه يتنفس من خلال أصابعها.تكوّنت دائرة رمادية بين كفيها،وفي مركزها انعكس وميض فضيّ،كأن السماء فوقها مليئة بالمرايا.⸻أما فايل، فكان فوق الغيوم، يختبر مدى خفته.الرياح من تحته تتكلم بلغاتٍ لا يسمعها أحد سواه.لكن اليوم، سمع شيئًا مختلفًا —صدى امرأةٍ تقول: “من أنت؟”وصدى رجلٍ يردّد الكلمة ذاتها.فتح عينيه،فرأى الغيوم تتخذ شكلَ مرآةٍ ضخمة،انعكس عليها وجهان، ثم أربعة،ثم بحرٌ من العيون التي لا تنظر في اتجاه واحد.ضحك بخفة،وقال:“يبدو أن الكوكب بدأ يتذكّرنا جميعًا.”⸻في أعماق إيثيريون، تحت سطحه المائل بين الحياة والموت،تحرّكت نبضةٌ جديدة — ليست كنبضة الأرض، بل كإيقاظٍ للوعي.صوتٌ غامض تردّد بين العوالم الأربعة:“لقد رأيتم بعضكم… والآن يبدأ الانعكاس الحقيقي.”ثم خيّم الصمت،وفيه خُيّل لكل واحدٍ منهم أنه كان يحلم.لكن الحلم لم ينتهِ بعد…بل كان بداية الجرعة الأولى.

2d1ea0d216734369شمس الرواياتe3d966d5b6dca5fb79ce243bfa4c309d

9e03750f1b393340شمس الرواياتc99812ee6e790653e2b58342f1aca9d3