رواية البداية بعد النهاية خيار تم اتخاذه بالفعل

الفصل 402

خيار تم اتخاذه بالفعل

المترجم : Soloris Zilinx

-------------------------------

(منظور آرثر ليوين)

انطلقت التعاويذ في الهواء مثل زخّاتٍ من اللون الأزرق والأخضر والذهبي، متخلفة عن الشرارات و صوت ارتطام الكؤوس ببعضعها البعض و المصاحبة للهتافات من الأرض أدناه. حمل النسيم صوت مئات الأشخاص المبتهجين و روائح اللّحم المشوي و الفطائر الحلوة. فتاة صغيرة عمرها لا يزيد عن خمسة أو ستة أعوام انطلقت تجري من أمامنا، الاحمرار على وجهها و ابتسامتها يتزايدان مع كل خطوة. خلفها مباشرة، ضحك رجل و قام بمطاردتها - كان يمتلك عين واحدة سليمة - كانت ندبة جديدة و بلا شك كانت من الحرب.

ارتسمت ابتسامة على شفتي بينما قام هذا المغامر من قارة ديكاثين بامساك الفتاة و حملها من ساقيها، مما رسم على وجه تلك الفتاة الضحك و السعادة. ثم حملها على كتفيه، حيث استمرت في الضحك أكثر و أكثر، ثم انحنت نحو الخلف أكثر قليلا من أجل أن تشاهد الألعاب النارية السحرية المتفجرة في عرض شبه ثابت يزين سماء المدينة.

"لم أرى الناس سعداء هكذا منذ ما قبل أول هجوم تعرضت له ميدينة زيروس" كانت كلمات (هيلين شارد) و التي كانت متكئة على حاجز الشرفة الرخامية التي احتوت على بوابة النقل الآني الوحيدة في اتجاه مدينة بلاكبيند.

(أنجيلا روز) كانت جالسة على بقعة من العشب، بينما كان (ريجيس) ممتدا في حضنها و مريحا رأسه على صدرها "الأمر يبدو كأن ثقلا كبيرا قد تم ازاحته، أليس كذلك؟" قالت (أنجيلا) بينما كانت تداعب ذقن (ريجيس).(م م: الكاتب في كلام أنجيلا مع ريجيس اقتبس عبارته من الكتاب المقدس تحديدا من كتاب بولس، أنا مسلم و معرفتي بالكتاب المقدس محدودة جدا، لذلك لا أملك فكرة كاملة عن معنى هذا الاقتباس أو ان صح أن أسميه الآية، لذلك ارتأيت ترجمته حرفيا بينما من رد ريجيس في الفقرة القادمة لا يبدو أن المعنى المقصود منه بريء أبدًا)

رد عليها (ريجيس) "جميلة و حكيمة أنتِ" و قام بلعق خد (أنجيلا). "إنها لجريمة، أننا لم نتعرف على بعضنا البعض من قبل؟".

(م م: هذا الكلام الذي قصدته من قبل في الملاحظة أعلاه، طبعا أي تعقيب من القراء الذين يمتلكون معرفة أكبر بالكتاب المقدس و سياق تلك الآية من أجل تعديلها ان امكن حتى يصبح المقصد أكثر وضوحا).

كافأت تصرفاته بضحكة حلوة "لم أكن أعرف عن هذا الوحش الخاص بك يا (آرثر)، هل أنت متأكد من أنك لا تتكلم من خلال الايماء عبر هذا الوحس المُستَدْعَى؟" و رفعت حاجبها بخجل في وجهي.

"لو كان الأمر كذلك، فلن أكون فضًّا بهذا الشكل" كان ردي عليها، بينما أرمق رفيقي بنظرة جادّة.

أمضت (ياسمين) الليل بطوله تستمع إلينا بينما تتواجد بالشارع و ظهرها يواجهنا، بلا شك كانت نظراتها الحادة تتعقب الأشخاص الذين كانوا يتجولون في الشوارع من حولنا. مدحرجة خنجرًا بين أصابعها بذهول، استدارت نحونا "ليكن في علمك، أن ما قمت بفعله لم يكن نوعا من المعروف من أجلنا".

قمت بهز كتفيّ "أعلم ذلك، لكني أثق في أنكم 'القرون التوأم' ستحافظون على النظام في المدينة و تسيطرون عليها، دون أن تكون لكم نيّة في انشاء أي نوع من الدول المكونة من مدينة مستقلة تحت سلطة نقابة المغامرين، بجانب أن الأمر لن يطول كثيرًا، ان سارت الأمور كما هو مخطط لها، لن تَبْقُوا متواجدين هنا".

تسببت كلماتي في اثارة ضجة بين أفراد المجموعة، و سرعان ما تحول انتباه الجميع نحوي. (دوردن) الذي بالكاد نطق بكلمة واحدة منذ الوصول إلى مدينة بلاكبيند تكلم فجأة "ما الذي تعنيه بهذا؟".

"لقد كنت آمل" جلت بنظري من (ياسمين) وصولاً إلى (هيلين) "بأن ترافقني (ياسمين) إلى مدينة زيروس".

لم تعط تعابير وجه (ياسمين) أي مؤشر على الاندهاش بدلا من ذلك بدت كأنها تفكّر بأمر ما. مع ذلك، هي لم تقل شيئًا.

على الناحية الأخرى (هيلين) عبست بشدة بينما كانت تقوم من مكانها "لأي غرض أنت تريد هذا؟ لا أتصوٍّر أن تواجد كل أعضاء القرون التوأم، و لا حتّى كل القوات في فيلدوريال، لأي سبب كان، بامكانهم أن يُحدثوا أي فارق في النتيجة التي وصلت إليها في بلاكبيند. سامحني على قولي هذه الكلمات يا (آرثر) لكن المعارك التي أنت على وشك أن تخوضها ... هل أنت واثق من أنك ترغب بتواجد أي شخص تهتم بشأنه إلى جانبك؟".(م م: هيلين قائدة القرون التوأم و صديقة لوالدي آرثر، و هي تقصد أن القرون التوأم و كل قوات فيلدوريال لا يقارنون بآرثر، و تواجدهم معه أثناء استرجاعه لبلاكبيند لم يكن ليغير أي شيء لأن آرثر فعل ذلك دون خدش واحد عليه، و معاركه القادمة أكثر شراسة، و تواجد ياسمين بجانبه قد يصبح عبئا عليه لأنها تعلم بأن آرثر يهتم بشأن ياسمين و يعتبرها بمثابة فرد من عائلته لأنها معلمته أثناء فترة طفولته لما أراد أن يصبح مغامرا)

بالطبع، كانت (هيلين) محقّة. لم أكن أرغب بذلك حقًّا. ما كنت أرغب به حقّا، هو أن أضع كل شخص أهتم بأمره في حفرة بمكان ما في أعماق المقابر الأثرية لأبقيهم آمنين. بالمقابل كنت أيضًا بحاجة إلى شخص ما بجانبي ليُنَبّهَنِي متى ما كنت على خطأ - أن يعيدني إلى جادّة الصواب كلما أفلتت الأمور من يدي. لربّما لو كنت على دراية بهذا الأمر في حياتي السّابقة، لما خضت حربًا أودت بحياة الملايين كقصاص لمقتل مديرة الميتم السيدة (ويلبك).

لكنّي لم أعبّر عن تلك الأفكار، ثم أجبت (هيلين) "سأحافظ على سلامتها" ثم أضفت بضع كلمات للمعنية بالأمر (ياسمين) "إن كنتِ تنوين مرافقتي، فهذا وعدي لكي".

رفعت (ياسمين) ذقنها، و لمع في عينيها الحمراء انعكاس شظايا انفجار جليدي بعيد "بالطّبع".

نظرت (هيلين) إلى كلينا، بينما اصابعها تعبث بما كان في وعائها، ثم أومأت برأسها و تنفست الصعداء "حسنا، لكنني أقسم-" ألقت بذراعها على عنقي و حاولت أن تسحبني للأسفل بينما تحكم قبضتها على رأسي تحت ذراعها"لو حدث أن رأيت شعرةً واحدة مفقودة من فروة رأسها -".

دون عناء يذكر، رفعتها عن الأرض من قدميها، و حملتها بين ذراعي ما جعلها تصرخ من المفاجأة "أنت تعلمين أن الشعر يتساقط لوحده بشكل طبيعي، أليس كذلك؟".

ضربت على كتفي بيدها بينما كانت تقول لي "ضعني على الأرض، أيها الفتى السخيف!".

ضاحكًا قمت بوضعها على قدميها مجددا، و أبقيت يداي على كتفيها و عيناي متصلتين بعينيها "أتفهّم قلقكِ. هذه حرب، و لا أحد منّا آمن حقًّا، و لا حتى أنا، لكنّي أعدك بأن أبقيها آمنة بكل ما أمكنني".

استسلمت (هيلين) للأمر الواقع، بينما تحاول و تفشل في اخفاء ابتسامتها المضطربة.

"حسنًا، استمتع أنت بوقتك، أعتقد بأنني سأبقى هنا مع (أنجيلا روز) و جروها-"

"ليس هناك فرصة لذلك"، ناديت عليه "هيا بنا، حان وقت مغادرتنا".

بينما أنهى (ريجيس) دوره بأن يكون أحمقًا و يحرج نفسه أمام الجميلة (أنجيلا روز)، دخلت إلى شرفة المراقبة المبنيّة من الصخور و بدأت معايرة بوابة النقل الآني نحو المدينة الطائرة 'زيروس'. بينما تبعتني (ياسمين) دون أن تقول كلمة واحدة.

عندما عادت البوابة إلى العمل داخل اطارها الحجري، على بعد خطوة منها استدرت نحو (هيلين)، (دوردن) و (أنجيلا روز) قبل أن أمرّ من خلالها.

عاد (ريجيس) إلى داخل جسدي. (أنجيلا روز) لوحت لنا بشكل مبهج لتحيتنا. (دوردن) واصل خدش ما تبقى من ذراعه، و نظراته استقرت على مكان ما على يميني.

"حظّا طيبا الجنرال (آرثر)" قالت (هيلين) و هي تطرق على العمود الحجري بجانبها بمفاصل أصابعها "سنكون بانتظار أخبار نجاحك".

أومأت برأسي لـ (هيلين) و نظرت نحو (ياسمين) حتى تقوم بتوديعها قبل مرورنا عبر البوابة.

أصبح العالم من حولي ضبابيّا، و كان لدي لحظة وجيزة من الزمن حيث انفصلت عن الواقع الماديّ و الوقت للنظر في أمر خطوتي القادمة.

كنت قد قضيت في المجموع بضع ساعات فقط بمدينة بلاكبيند. استعادتها بنجاح تطلب من جانبي انهاء الأمور بأسرع وقت ممكن، و كانت مدينة زيروس أكثر أهمية حتى من مدينة بلاكبيند.

باعتبارها المدينة الأكثر ازدهارا مع امكانية الدفاع عنها في كامل مملكة سابين، فقط أصبحت موطنا للعديد من أفراد الدماء العليا الآلاكريين الذين انجذبوا نحو قارة ديكاثين - و أيضا لأولئك الذين لم يكرسوا مواردهم لبناء حظائر في مملكة إلينوار فقط ليشاهدوها مدمّرة بسبب (ألدير).

كانت أيضا موطن العديد من المواطنين الأغنياء من قارة ديكاثين، خاصة العائلات التي غيرت ولاءها بعد نتائج الحرب مثل عائلة (ويكس).(م م: عائلة ويكس للتذكير هي العائلة التي ينتمي لها الرمح بايرون ويكس، كان قد ذهب لانقاذهم بعد خسارة الحرب، لكنه وجد بأنهم غيروا ولائهم لأغرونا ثم تركهم و انفصل عنهم).

مخاوفي كانت من أنني سأخوض معارك أقلّ و فترة أطول من الوقت في اجتثاث الآلاكريين من المدينة مثل حشرة القراد المتمسكة بجلد الذئب. و كلما أمضيت وقتا أكثر في مدينة واحدة لاستعادتها سيحظى الأعداء في المدن القادمة بوقت أكثر للاستعداد. و كنت قد منحت (آغرونا) بالفعل الوقت الكافي للقيام بردة فعله و القيام بهجوم مضاد بعد انتصاري في فيلدوريال.

بدا العالم متوقّفًا عندما وصلت إلى صف من بوابات النقل الآني المتطابقة.

فرقة من الجنود الآلاكريين وقفوا بانتباه يحرسون المكان. و كان باقي الشارع فارغًا تمامًا.

برزت (ياسمين) من خلفي، و يدها بالفعل على شفراتها.

تقدم حارس في منتصف العمر بلكنة تروسيان الثقيلة إلى الأمام. "مرحبًا بكم في مدينة زيروس، الجنرال (آرثر) و -" نظر بوضوح إلى (ياسمين). عندما لم يرد عليه أي منا، نفخ شفتيه و تحدّث - "الضّيفة المكرّمة".

فكرت للحظة قبل الرد عليه. حقيقة أنه كان يعرف من أنا و من الواضح أنهم كانوا مستعدًين لوصولي، لكنهم لم يهاجموني، يعني أن شخصًا ما في المدينة يريد إجراء محادثة معي.

"أنا (إيدير) من الدماء (بلاينسرانر)" تابع تقديم نفسه، لكن في هذه المرة لاحظت الرعشة التي كانت في صوته "أنا و رجالي هنا من أجل مرافقتكم إلى قاعة المحكمة للقائكم بأعضاء مجلس مدينة زيروس، إن سمحت لنا بذلك".

و ماذا إن لم أفعل؟ كدت أطرح عليه هذا السؤال، لكني تراجعت قائلا "و من يكون هؤلاء؟" كان هذا سؤالي البديل.

"الأعضاء البارزون ينتمون إلى الدماء العليا الخمسة 'م م: يقصد العائلات الخمسة' الذين تم منحهم حصصا في هذه المدينة و هم: (أوغسطين) من الدماء العليا (رامسيير) ،(لِيث) من الدماء العليا (راينهورن)، (رايس) من الدماء العليا (آركرايت)، (وولتر) من الدماء العليا (كاينيغ) و السيد (آداين) من الدماء العليا (اُمْبرتر)" لا بدّ أنني قمت برسم تعابير عن معرفتي نوعا ما بالأسماء رامزيار و آركرايت، لأنه أضاف الكلمات الآتية "إنها دماء قوية في كلا القارّتين، كما تعلم".

"و ماذا سيترتّب عن هذا الاجتماع؟" قمت بسؤاله.

انحنى (ايدير) نحونا معبّرا عن تواضعه اتجاهنا " "أنا مجرد رسول إليك. أعلم أنك أتيت من معركة و قد تكون متعبًا جراء ذلك، لكن يمكنني أن أؤكد لك، لا يوجد أي شخص من آلاكريا في هذه المدينة يرغب في الدخول بقتال مع الرّجل الذي قضى على المنجل (كاديل فريترا)".

لم أشك في كلماته، لكنها لم تجعلني أخفّض من حذري أيضًا. فقط لأن الجندي لا يريد القتال لا يعني أنه سيرفض ذلك عندما يتم إصدار الأمر له بذلك.

"حسنًا" و بنبرة مطوّلة أضفت "(إيدير) قد الطريق".

على الرغم من أن الشوارع كانت خالية في الغالب، إلا أن وجوه الناس كانت تضغط عبر زجاج نوافذ المباني العديدة التي مررنا بها. من بين الأشخاص القلائل الذين بقوا في الشوارع، بدا أن جميعهم سكان ديكاثين الأصليين من الطبقة العاملة. حتى أن القليل منهم نادوا عليّ متسائلين، لكن مرافقينا حذروهم من المواصلة في فعل ذلك. لم تتغير الأمور حتى صرخ رجل يرتدي سترة ملطخة بالعرق و بهتت ألوانها "أيها الرمح (آرثر)!" حينها تدخّلت لايقافهم.

إمرأة ترتدي مجموعة ثقيلة من الدروع أشارت بأداة كانت في يدها حتى توقف ذلك الرجل، لكنني أمسكت بأداتها تلك. حينها تجمد الجميع في أماكنهم.

(ياسمين) كانت متوترة بالفعل، و في غمضة عين كانت قد سحبت خناجرها حتى منتصف أغمادها، لكني أشرت لها بأن تتراجع و تهدأ، ثم تكلمت "لن أسمح لكم بالتنمر على سكان ديكاثين في حضوري"، وجهت كلماتي تلك للجنود الآلاكريين، ثم حررت الأداة التي كانت في يد تلك المرأة.

كان الرجل الذي تجاوز منتصف عمره ذا شعر طويل يصل إلى كتفيه و بدأ ينحسر خلف صدغيه. استغرق مني لحظة حتى أتعرف على من كان هذا الرجل "(جيمسون)؟" سألته، تأكدت من أنه واحد من الرجال الذين كانوا يعملون لحساب (فينسنت) في منزل (هيلستي) لإدارة المزادات.

أومأ برأسمه متحمسا، بينما يفرك مقدمة سترته. استمر في تحريك فمه ليواصل التحدث، لكنه كان يتوقف في كل مرة تحت النظرات العدائية من قبل الآلاكريين.

قلت له بحزم و لكن بنبرة لطيفة "أقترح عليك أن ترجع إلى القصر يا (جيمسون)" كما قمت بتوسيع عيني قليلا، و هو نوع من الاتصال الغير لفظي معناه أنني كنت أقصد أكثر مما نطقت به.

نظر إليّ بالمقابل بنظرة فارغة و مذهولا، لكنه لم يتحرّك.

"(ياسمين) ربما يجب عليك أن ترافقيه؟" توقفت بشكل مؤقت لتأكيد كلامي ثم أضفت "للتأكد من وصوله بأمان إلى المنزل؟"

"لكن يا (آرثر)-".

قاطعت كلماتها قائلا "أرجوكِ، تأكدي من أن كل شيء على ما يرام، ثم تعالي إلى مكان تواجدي".

أومأت لي (ياسمين) برأسها على أنها فهمت جيدا ما أقصده "سأكون هناك قريباً".

ثم أمسكت (جيمسون) من ذراعه، و سحبته بمهارة بعيدًا. بدا أن الرجل قد فهم أخيرا ما كان يجري، و انحنى بشكل أخرق نحوي بينما يتم سحبه في الاتجاه المعاكس، قبل أن يستدير و يتبع بسرعة (ياسمين) في اتجاه قصر عائلة (هيلستي).

غير مرتاح لفكرة الإنفصال عن (ياسمين) بعد أن وعدت بأنني سأحميها، وصلت إلى الرابط مع (ريجيس) لكنه كان قد بدأ بالفعل في التحرك.

تماما كما لو أن ظلّي قد دبّت فيه الحياة، قام بالقفز من ظهري، و هبط بكامل ثقله، مخالبه تقوم بكشط الأرض ما أصاب الجنود بالذهول. لم نقم بتشارك أي أفكار، لأن كلانا كان يعلم بالفعل ما يجب أن يقوم به.

صرخ (جيمسون) مرعوبا عندما هبط (ريجيس) بجانبه، لكن (ياسمين) سارعت إليه حتى تطمئنه.

بعد مشاهدتهم يبتعدون، وجهت نظرة باردة في نحو (إيدير). قام بتنظيف حلقه، و دار على عقبيه، و انطلق بالمسير مرة أخرى..

على الرغم من أنني كنت أفضل أن تكون (ياسمين) و (ريجيس) بجانبي، إلا أنني كنت بحاجة إلى إيصال رسالة إلى أفراد عائلة (هيلستي) بأنني كنت في المدينة. وفقًا (لياسمين)، كانوا يساعدون المواطنين المستهدفين من قبل الأعداء في الخروج من المدينة منذ بدء احتلال جيش ألاكريا للمدينة. هذا يعني أن لديهم اتصالات، شبكة، أشخاص يجب أن يعرفوا أن الأمور على وشك أن تتغيّر.

لم تكن المسافة طويلةً من بوابات النقل الآني إلى قاعة المحكمة. لقد فوجئت إلى حد ما عندما وجدت الساحة المرصوفة بالحصى أمام المبنى - فناء مزخرف مكتمل بحدائق يتم الاعتناء بها جيدا تحوي أشجار فاكهة و العديد من تماثيل السحرة الشهيرة طوال تاريخ زيروس - فارغة تمامًا. كنت أتوقع استعراضًا للقوّة. على الأقل كان لتواجد مائة مجموعة قتالية يملؤون هذا المكان بشكل جيد أن يعطي جوًّا عسكريًّا مناسبًا.

قال (إيدير) بشكل حازم ردّا على سؤالي غير المطروح "لقد تراجع أغلب جنودنا الذي يتواجدون عادة داخل المدينة"، "السيدة (أوغسطين) لم ترغب في إعطائك انطباعًا خاطئًا حولها".

تحركنا بسرعة عبر الفناء، لكن الجنود توقفوا عند قاعدة الدرجات الرخامية. أمامنا و فوقنا، بدا أن الخطوط البيضاء و الرمادية للصرح الضخم الذي كان قاعة المحكمة مهيمنةً على أفق المدينة.

سار خمسة من سكان ألاكريا يرتدون ملابس لا تشوبها شائبة في صف فخم بينما يخرجون من تحت الممر الشاهق الذي كان منفتحا على قاعة المحكمة التي كانت من خلفهم، مع كل خطوة منظمة يخطونها كل واحد منهم كان ينضح بسلطة الدماء العليا التي انتمى لها.

وقفت امرأة شابة مدهشة ذات بشرة خمريّة و شعر أسود مجعّد مصفّف وقفت مسافة نصف خطوة أمام الآخرين "الصاعد (غراي). أو لنقل ... (آرثر ليوين) أليس كذلك ؟ "وجهت إليّ بعينيها ذات الرموش الكثيفة نظرة بريئة. "من دواعي سروري مقابلتك. جدي اعتبرك مشكلةً معقّدة و مثيرة للاهتمام كأستاذ. أنا مهتمة جدا لأن أفهم سبب ذلك ".

بينما كانت تتحدث، كانت كلماتها واضحة و حادّة، أصبحت النقاط المشتركة بين أفراد أسرتها واضحة "إذن أنتِ هي (أوغسطين) من الدماء العليا (رامسيير) ؟ و أخت (فالين) ؟" ".

"ابن عمّ بالأحرى" أجابت بينما قامت بهز كتفيها الرقيقين بأدنى شكل ممكن "بالرغم من أننا نشأنا أكثر كأشقاء، أنا تخرجت من الأكاديمية المركزية - و التي أعتبرها عارا حقّا أنني تخرجت قبل أن تبدأ فترة عملك القصيرة هناك كأستاذ - مشاهدة أدائك أثناء الفيكتوريارد، أنا متأكّدة بأن تلاميذ فصلك كانوا أكثر الناس اهتماما بما حدث".

"يبدو أنّكِ تعرفين القليل عنّي بالفعل سيدة (رامسيير)، لذلك أنا متأكد من أنكي تعرفين أيضًا سبب تواجدي هنا" قلت و أنا أقوم بمسح وجوه باقي أفراد الدماء العليا الخمسة الآخرين.

قامت برفع يدها بشكل مرهف "من فضلك، هل تخطط لمناقشة العمل هنا على هذا المنحدر، كما لو كنا تجار جوائز غامضين ؟" ثم قامت برفع حاجبيها الرقيقين، مع بريق في عينيها الداكنتين "دعونا نعود إلى مكان اجتماعنا المجهز بأفضل وسائل الراحة، حتى نتمكن من مناقشة الهدف من تواجدك في زيروس كناس متحضّرين".

قاد الأربعة الآخرين المنتمين للدماء العليا الطريق، بينما وقفت (أوغسطين) جانبًا و أشارت لي بأن أتبعها. استغرق الأمر مني لحظة حتى أقوم بمسح الفناء و ما يمكنني رؤيته من مبنى المحكمة. كانت مجموعة الحراس بقيادة (إيدير) ينتظروننا عند قاعدة الدرجات الواسعة، لكن لم يتواجد شيء آخر - و لا حتى شخص ما - يمكنني رؤيته.

عندما تجاوزتها، مدت (أوغسطين) يدها و تسللت ذراعها من خلال ذراعي. كانت أقصر مني بمقدار رأس شخص بالغ، و بدت ذراعيها النحيلتين مثل العصي الضعيفة مقارنة بذراعي، و لكن كان من الواضح النعم التي تمتعت بها و ثقتها الدائمة ظهرت في تحركاتها التي لم تكشف عن أي خوف مني.

بينما كنا نسير و ذراعينا متشابكين عبر القاعات الكبرى، كانت أفكاري تعود بي إلى وقتي في الأكاديمية المركزية. لم يكن لدي الكثير من الوقت لأفكّر في الفوضى التي خلفتها في أعقابي هناك. أولئك الأطفال، و أولئك الذين كان لدي تأثير كبير عليهم (فالين)، (إينولا)، (سيث)، (مايلا) ...

هل تسببت في أذى لهم أكثر من الخير الذي قدمت لهم، بجعلهم يثقون بي فقط لأكسر تلك الثقة و أختفي؟ كنت أتساءل.

من يدري أي نوع من الدعاية التي نشرها (أغرونا) و أتباعه الخسيسين بعد الفيكتورياد.

"الأطفال الذين انتموا إلى صفّي" بدأت، ثم تردّدت غير واثق بالضبط مما أريد أن أسأل - أو هل كنت أمتلك الحق لأتسائل حول ما حدث لهم نظرا إلى وضعنا هذا.

"لم يتم إلقاء اللوم عليهم، و تم منحهم الفرصة و الموارد الكافية للتعافي من أثار الصدمة" أكدت لي (أوغسطين) "جدي قد يبدو رجلا صارمًا، لكنه مخلص لكل من الأكاديمية و طلابها".

كانت هذه الأخبار على الأقل مصدر ارتياح لي. كنت أعلم أن (آلاريس) لا يتمتع بمثل هذا النوع من الحماية، لكني كنت أثق بأن ذلك العجوز السكير قادر على الاعتناء بنفسه.

أدركت أن عواطفي تخفض من مستوى تركيزي، بدأت في التعامل مع هذه الحالة باللامبالاة التي ساهمت في بقائي على قيد الحياة من خلال فترتي في قارة آلاكريا.(م م: يقصد أنه قرر تجاوز احساسه بالذنب اتجاه تلاميذه و السكير آلاريس الذين تركهم في آلاكريا، من أجل أن يركز على الموضوع الذي يخوض به الآن و هو استرجاع مدن ديكاثين تحت سيطرة أبناء العائلات الحاكمة غلايدرس و ايراليث و الاقزام).

أرشدتني (أوغسطين) عبر عدة ممرات قصيرة قبل أن نصل إلى صالة كبيرة. مثل بقية القاعات في مبنى المحكمة، كانت الأرضية من الجرانيت المصقول، بينما كانت الجدران المنحوتة كلها من الرخام الأبيض اللامع. غمرت الاضاءة تلك الصالة عبر النوافذ المقوسة التي ميزتها، مما جعلها أكثر إشراقًا. تم تجميع العشرات من الكراسي و الأرائك الجميلة بعناية عبر الغرفة، مزينة بمئات الأنواع المختلفة من نباتات الزينة الخضراء المحفوظة في أوعية خاصة بها. تميز أحد الجدران بتواجد شريط رخامي ضخم عبره، خلفه رفوف عديدة و رفوف تحمل زجاجات المشروبات.

في وسط الصالة، لاحظت أنه تم نقل طاولة وإعادة ترتيب عدة مقاعد لإفساح المجال لمائدة مستديرة صغيرة موضعة عليها لوحة لعبة نزاع السيادات (م م: اللعبة تشبه الشطرنج، تحمل نفس الاسم الذي يحمله الفصل حيث قامت المنجل سيريس بقتل سيادة مقاطعة سيز-كلار كأن سيريس كانت تلعب بالأحداث في قارة آلاكريا و تريد تحريكها كأنها مساحة ضخمة للعبة نزاع السيادات حتى تعيق خطط آغرونا). تم وضع كرسيين عاليي الظهر و مبطنين بالمخمل على جانبي تلك الطاولة.

وقف الأعضاء الأربعة الآخرين من الدماء العليا بصمت جانبًا، و قادتني (أوغسطين) نحو تلك الطاولة. سَحَبْتُ كرسيًّا واحدًا و عرضته عليها. لقد أخفت تفاجؤها بشكل جيّد، و هي تبتسم و تحني رأسها شاكرة بينما تقوم بالجلوس. دفعت الكرسي برفق، ثم جلست مكاني بنفسي.

"هل تألف هذه اللعبة؟" سألتني، و سبباتها تشير إلى مهاجم منحوت بشكل مزخرف فوق لوحة اللعبة.

"لعبتها من قبل" أجبت على سؤالها، قمت بدراسة القطع فوق اللوحة. تم نحت القطع بشكل رائع، كان ملقوا السحر، المدرعين، و المهاجمين منحوتين بشكل فريد. كانت القطع التي ستلعب هي بهم منحوتين من حجر أحمر دموي اللون، و قطعي من الرخام الرمادي و الأسود "أنا لست هنا لألعب معك هذه اللعبة (أوغسطين) و أنت تعلمين هذا"

زادت ابتسامتها اتساعًا، لكنها ركزت على لوحة الألعاب و لم تنظر إلى عينيّ "مدينة بلاكبيند سقطت تحت سيطرتك في - ماذا ؟ - عشرين دقيقة ؟" بينما كانت تحدق في القطع، كانت أصابعها تداعب خطوط مكياج شفتيها "من الواضح أن الأسلحة العادية أضعف من أن تقف أمام قوتك يا (آرثر) - هل يمكنني مناداتك بـاسمك (آرثر) ؟" طلبت مني مقاطعةً نفسها و هي تنظر إليّ للحصول على تأكيد حول طلبها.

أومأت برأسي موافقا على طلبعا ثم تابعت هي كلامها "لكن مدينة زيروس وحش مختلف. المئات من سكان آلاكريا جعلوا من المدينة وطنًا لهم، و هناك تواجد كبير للجنود هنا بمعدل خمسة جنود لكل مدني. و بالفعل أقسم العديد من الديكاثيين الولاء للسيادة العليا (آغرونا). هل تخطط للذهاب شارعًا شارع، بيتًا ببيت، تركل الأبواب و تسحب أفراد العائلات - الأطفال و الخدم - بشكل عشوائي ؟".

التقطت مهاجمًا، و حركته في خط إلى عمق جهتي من لوحة اللعبة. كانت هذه خطوة عدوانية منها.

كان ردي التالي "عادةً ما يستسلم الجنود بعد أن أدمّر قادتهم" و قمت بتحريك ملقي سحر حتى يتصدى لمهاجمها.

عضت على شفتها، ثم حركت أحد ملقي السحر خاصتها لدعم مهاجمها "يا له من متبجّح يا (آرثر). اعتقدت أنك تريد إجراء مناقشة هنا. هل تتوقع مني أن أتعامل معك عندما تستمر في حمل خنجر موجها نحو رقبتي ؟ ".

قمت بهزّ كتفي، و بلامبالاة قمت بتغيير موضع أحد المدرعين خاصتي "لم آتي هنا للتفاوض، جئت لاستعادة هذه المدينة. سيكون ذلك أفضل لو تم دون اراقة للدّماء، لكنني مستعد للقيام بكل ما هو ضروري بالمقابل، تمامًا كما كان الأمر في بلاكبيند".

"ثمّ ماذا بعد ذلك؟" نقرت بأصابعها على الطاولة المصنوعة من الخشب الصّلب "تردنا منا -" و أشارت نحو المتواجدين معنا "أن نأخذ ناسنا و نعود بهم إلى موطننا؟ فقط بهذه البساطة؟".

"الأمر كذلك إلى حد كبير. و يمكنك أن تأخذي أي شخص ركع إلى (أغرونا) معكِ ".

انحنت بعيدًا عن اللعبة و هي تدقق نظرها فيّ بعناية. "قبل أن نذهب إلى أبعد من ذلك، لدي اعتراف لأدلي به. من فضلك، ابقي يدك منخفضة (م م:تقصد أن لا يقوم بمهاجمتهم) و استمع ". شاركت (أوغسطين) نظرة مع أحد المتواجدين في هذه الصالة معنا، و الذي بادلها إيماءة حادّة. "لقد تم بالفعل نشر كل جندي من آلاكريا تحت تصرفنا في جميع أنحاء المدينة. أوامرهم بسيطة: إذا حدث لي أو لمواطني أي ضرر، فسيبدؤون في ذبح سكان زيروس الأصليين" رفعت يدها مرة أخرى، و ملامحها صارت أكثر نعومة "لا تخطيء في فهم نواياي، أنا لست وحشًا. لقد تم تعييني مسؤولة عن توسع دمائنا في قارتك على وجه التحديد لأنني كنت حريصة على العمل جنبًا إلى جنب مع سكان ديكاثين، للتعلم منهم و توجيههم إلى خدمة (آغرونا)".

ثم تابعت "لكن" و في لحظة واحدة انكسرت رباطة جأشها، و رأيت الخوف الحقيقي يومض عبر ملامحها الجميلة "تمامًا كما قلت أنت، سأقوم بكل ما هو ضروريّ. لأنه و على شرف دمائي، لا يمكنني أن أسلمك هذه المدينة ببساطة".

نظرت إلى لوح اللعبة، و لم أقدم لها أي رد فعل خارجي على تهديداتها. بدلاً من ذلك، قلت فقط "أعتقد أنه لا يزال دورك، (أوغسطين)".

عضت على شفتها، و حركت المهاجم عبر الفجوة المشكّلة حديثًا في خط لعبي. تابعت (أوغسطين) بصوت أعلى و أكثر ثقة "أعلم أنك لا تحمل أي خوف على نفسك، لكنك لست قاسياً مع حياة الآخرين. حتى في ألاكريا، محاطًا طوال الوقت بأعدائك، فقد بذلتَ جهدك لضمان رعاية مناسبة لطلابك، طلاب مثل (سيث) من الدماء العليا (ميلفيو) و (مايلا) من الدماء (فايرويذر) على وجه الخصوص".

"سلم نفسك، و يستم اعفاء حياة أهالي هذه المدينة" أضاف واحد من باقي أفراد الدماء العليا المتواجدين داخل الصالة، كانت نبرته فخمة و عسلية تنضح بالغرور.

تظاهرت بالتثاؤب من الملل، سحبت أحد المدرعين المتقدمين الخاصين بي من أجل منع مهاجمها من كسر خط دفاعي "أشعر أنكي لا تمنحين اللعبة اهتمامكِ الكامل".

شدت على فكها بإحكام و هي تنظر باتجاه العضو الآخر من الدماء العليا بنوع من الشك. أومأ المدعو (والتر) من الدماء العليا (كاينيغ) برأسه، ثم قامت بسحب نفسها قليلاً عن الطاولة حيث كنا جالسين.

عدّة أشياء حدثت في نفس اللحظة: تموّج الهواء في جميع أنحاء الغرفة بعنف، و فجأة أصبحت الصالة مليئة بالفرسان المسلحين و المدرعين، ظهرت عدة دروع متداخلة من المانا الشفافة بيني وبين (أوغسطين)، و في مكان ما على مسافة قريبة بدؤا بالنفخ في الأبواق.

سمعت صافرة تأرجح رمح بولارم (م م: يمكنكم البحث عن شكله بكتابة Polearm في محرك بحث الصور)، رفعت يدي إلى الأعلى و أمسكت بذلك الرمح، ثم لويت معصمي مما تسبّب في تحطم الخشب الذي صنع منه حامل ذلك الرّمح. حمل مهاجمي رمز منزل (وايكس) على الدرع الذي يحمي صدره. لقد تعرفت على رموز العديد من المنازل النبيلة بين حشد الجنود: (وايكس) و (كلاريل) و (رافنبور) و (درايل)، والأكثر إثارة للدهشة هو (فلايمسوورث).

بحلول ذلك الوقت كانت (أوغستين) قد ركلت كرسيّها جانبًا و تراجعت لتحتمي بحشد الجنود الديكاثيين. كان بقية أفراد الدماء العليا الآخرين منشغلين بالهرب خارج الغرفة مثل الجرذان الهاربين من حظيرة محترقة.

بقيت جالسا على مقعدي. لم يهاجمني أحد آخر على الفور، لذلك عدت للاطلاع على لوح اللّعب.

"هؤلاء الرجال، هؤلاء الرجال المولودين في ديكاثين، على استعداد للقتال لمنعك من إعادة الأشياء إلى ما كانت عليه!" صرخت (أوغسطين) رافعة صوتها حتى يمكن سماعه عبر الضوضاء المفاجئة لمائة رجل يرتدون الدروع التي تتصادم بعضها ببعض. "ألا يجعلك هذا تعيد النظر؟ أم أنك تفكر فقط باتجاه واحد لدرجة أنك ستقتل حتى أفراد شعبك لضمان أن يكون العالم كما تعتقد أنه يجب أن يكون عليه".

كانت هناك نظرة وحشية في العيون الداكنة لتلك الشابة ذكرتني بنمر الظلّ المحاصر.

أخذت لحظة لأجول بنظري من وجه لآخر، و رأيت أنهم كانوا في حالة ذهنية جيدة و متيقنين مما هم على وشك القيام به الأمر الذي وجدته مفاجئًا. مجرد حضوري كان كافيًا ليدبّ الرعب المدقع في الجنود الألاكريين، لكن هؤلاء الفرسان من المنازل النبيلة لمدينة زيروس بدوا واثقين من أنفسهم. مثل الرجال الصغار المنحوتين على لوح اللعب، ذهبوا ببساطة إلى حيث قيل لهم، غافلين عن عواقب أفعالهم عليهم أو على حياتهم.

"تعتقدين أنك تمكنت من التفوق عليّ بحركتك هاته" قلت، و أنا أضغط باصبعي السبابة على رأس القطعة التي تملك شكل المهاجم الذي كان عالقًا الآن خلف خط من المدافعين الخاصين بي، كان في موضع قريب و يشكل خطرا على حارسي "لقد قمت بعزل نقطة ضعف في لعبي و أستغليتها. و تركتني في موقف لا أستطيع فيه اتخاذ أي خطوة أخرى" قمت بالتقاط حارسي و حركته بجانب المهاجم المنافس "لكنني لا أستسلم يا (أوغسطين)".

وجهت أنظاري على أولئك الجنود الأقرب إليّ "لذا، قوموا بالنيل منّي".

حتى أصوات التنفس لم تقاطع الصّمت الذي أعقب ذلك.

ثم بسبب الأوامر التي تم اصدارها تم كسر ذلك الهدوء، و مدويّا عبر الجدران الرخامية "هجوم!".

اندفع فارس من العائلة النبيلة (درايل) إلى الأمام و دفع سيفه ليطعن جانبي. طار رمح جليدي نحوي من خلف (أوغسطين)، ألقاه رجل بألوان (كلاريل). ثم جاء هجوم آخر، و آخر، وسرعان ما كنت في وسط وابل من الهجمات، بعضها سحري، و البعض الآخر بالسيف أو الفأس أو الرمح.

لكنهم تحطموا أمام درعي الأثريّ، الذي أحاط بجلدي في لحظة. وقفت، بينما أمتص وطأة هجماتهم دون أن أرد عليهم. مرت خمس ثوانٍ، ثم عشر ثوانٍ. في عشرين ثانية، كان هناك هدوء بعد كل ذلك الهجوم حيث بدأت حقيقة الموقف تتضح لأولئك الفرسان.

في لحظة ترددهم تلك، قمت بالانقضاض عليهم مثل نمر فضي على مجموعة من السناجب.

انتزعت السيف من يد فارس عائلة (درايل) ثم طعنت به صدر رجل آخر، و أمسكت بالأول من حلقه، و ألقيته على رمح فارس (فلامزوورث) القادم باتجاهي. قمت بتنشيط نطاق-القلب بومضة من الأثير، انحرفت عن كرة من المعدن المنصهر التي تلفّ باتجاهي، و أرسلتها إلى وجه جندي عائلة (كلاريل) في نفس الوقت الذي استحضرت فيه شفرة الأثير و قمت بتدويرها على شكل قوس عريض، مسقطًا عدّة رجال آخرين.

بينما كان الفرسان يتقدمون للأمام، كانت (أوغسطين) تتراجع أكثر، و انسلّت مرة أخرى عبر جدار الفرسان الديكاثيين حتى وصلت عند باب الصالة. لم تبتعد أكثر من ذلك، و لم تهرب للنجاة بحياتها أو تحاول الاختباء في الشوارع بالخارج. بدلاً من ذلك، وقفت و راقبت. مغرورة أو متحجرة من الرعب، لم أستطع أن أجزم بأي منهما.

قمت بتوجيه الأثير إلى قبضتي لتشكيل انفجار مركّز، استدرت نحو مجموعة من السحرة الذين يحملون شعار منزل (وايكس) "من فضلك، الجنرال (آرثر)" توسل أحدهم لي "لقد خدمت معك في -".

توقف ذلك النداء، و ابتلعه هدير نيران الأثير الذي فجّر السحرة ملقي التعاويذ إلى أشلاء.

بكفاءة تعادل حطّاب قدير يقطّع جذوع الأشجار أثناء يوم عمله، قمت بقطع بقية الجنود. سقط العشرات و العشرات منهم في أكوام دموية و محطمين على أرضية الجرانيت، و تجمعت دمائهم حتى اختفى اللون الرمادي للأرضية فيما يشبه سجادة حمراء مبلّلة.

بالكاد استمر القتال دقيقة واحدة حتى سقط آخرهم.

مسحت الدم من وجهي و استدرت نحو (أوغسطين). لصالحها هي لم تهرب. عندما بدأت في التقدّم بإتجاهها، شاهدتني أقترب مثل شخص تَقَبّلَ موته.

عاد الهدوء للغرفة مرة أخرى. و الآن بعد أن أصبح الأمر كذلك، كان بإمكاني سماع أصوات الصراخ و تعاويذ اطلاق النار من بعيد.

قلت بصوت لا مبالي "قومي بأمر رجالك بالتوقف" "لن يتضرر مزيد من الديكاثيين. و يجب على جميع سكان ألاكريا التجمع و الاستعداد للانتقال. إذا لم يتم ذلك الآن، فلن أرحم أحداً ".

عيناها الداكنتان كانتا غير مركزتين عليّ، حيث نظرت من خلالي إلى المساحة خلفي حيث تناثرت جثث فرسان ديكاثين على الأرض.

"السيدة (رامسيير)" فرقت أصابعي، ثم قفزت من مكانها و وقعت للخلف، و الرعب يملأ محيّاها.

بدأت تتراجع بشكل أخرق إلى الوراء، و نظراتها تنكر تواجدي و مثبّتة عليّ. خلفها، رأيت الأردية المتأرجحة من الدماء العليا الأخرى الذين يختبؤون في الزوايا.

"لا تقوموا باختبار صبري أكثر".

أومأت برأسها بشكل محموم، و بدأت في الجري. ثم بقيت هناك وحدي.

أغلقت عيناي، و فجأة أصبحت الأغطية ثقيلة للغاية. كنت متعبًا. متعب جدّا. لم يكن ضعفا جسديا أو قلبي هو ما أثقل عليّ، بل إرهاق مصدره الروح.

قطعت اتصالي بالدرع الأثريّ، و اختفت تلك الحراشف السوداء التي كانت تغطي جسدي كأنها لم تكن هناك. أجبرت عيناي على أن تتفتح، و ألقيت نظرة على المذبحة التي قمت بها.

كان الفولاذ اللامع لا يصدر أي صوت مع مسحات حمراء بنية اللون من الدم الذي تم أكسدته بسرعة. كانت الأطراف المقطوعة مثل الجزر المروّعة وسط بحر قرمزيّ. كانت الشعارات الملونة للمنازل النبيلة لمدينة زيروس لا يمكن تمييزها تحت بقع الدم تلك

كان الكثيرين منّا على استعداد للترحيب (بأغرونا) حتّى قبل أن تبدأ دفة الحرب في الانقلاب ضدّنا، و لم يكن ينبغي أن يفاجئني أنه مع سيطرة ألاكريا على كل شيء، أقسم بعض الناس على تكريس أنفسهم بالكامل لخدمته. الخوف وحده سيدفع الكثيرين إلى هذه الغاية، و يدفع الطمع عددا أكبر حتّى.

رغم ذلك، أثناء تحديقي بهذه الجثث، علمت أن هذه الوفيات كانت وزنًا يجب أن أحمله.

لم أكن متأكدًا من المدة التي وقفت فيها هناك في صمت، أصمّ أذناي عن كل شيء باستثناء اضطراباتي الداخلية، عندما أخرجني صوت الخطوات المسرعة نحوي من التفكير في مشاعري.

سارت (ياسمين) إلى الغرفة، و خطت على تلك الدماء المراقة، و توقفت لفترة قصيرة. اتسعت عيناها، ثم ركزت عليّ. لا بد أنها رأت شيئًا في مظهري يعكس ما كنت أشعر به، لأن مظهرها الخارجي القاسي عادة أصبح أكثر نعومةً.

أدركت أن (ريجيس) لم يكن معها و تواصلت معه. كان بإمكاني الشعور به في الخارج، يساعد على فض القتال.

"هل أنت بخير ؟" سألتني (ياسمين).

"أنا ..." عندما خرج صوتي خامًا، قمت بابتلاع كلماتي، مترددًا في أن أبدو ضعيفًا أمامها. أحمق، وبّخت نفسي، بينما أتذكر السبب وراء طلبي منها أن تأتي معي في المقام الأول. تابعت بعد لحظة "لقد عملت بجد لمنع هذه الحرب من أن تصبح مذبحة" ثم أضفت "لكن هؤلاء الرجال ..".

تراجعت مرة أخرى، و أشرت بيدي عبر الغرفة بأكملها في لفتة غير مجدية. ثم أنهيت كلامي "لم أمنحهم فرصة".

قلبت (ياسمين) إحدى الجثث بإصبع قدمها حتى أصبح الدرع الذي يغطي صدره نحو الأعلى. كان هناك عدد قليل جدًا من الميزات المحددة المتبقية لذلك للفارس، الذي تم سحق وجهه بواسطة فأس، ولكن كان واضحًا على صدره رمز منزل (فلايمسوورث) : وردة منمقة، تشكلت بتلاتها من ألسنة اللهب المتلألئة بلطف. وبقي وجهها بلا تعابير محددة.

"لقد كانت لهم فرصهم" قالت بشكل قاطع "الكثير من الفرص. و قد اتخذوا قرارهم بأنفسهم في كلّ مرّة".

مرّت بين الجثث، تاركة وراءها رقعة فارغة من الجرانيت الملطّخ بالدماء "لم أكن أدرك أن والدي قد اُطلق سراحه من زنزانته تحت الجدار".

أرسل (تروديوس فلايمسوورث) ابنته بعيدًا لتفضيلها مانا سمة الهواء على سمة النار. لقد خطط لعزل نفسه وأصدقائه النبلاء في الجدار لإنقاذ أنفسهم من الحرب. وقد خان ثقة جنوده عندما رفض إسقاط الجدار على جيش وحوش المانا المتحولة التي استحضرها الألاكريون من تلال الوحوش، و هو عمل أدى مباشرة إلى وفاة والدي.

لكنه لم يكن غريبًا عن شخص شرير داخل مؤسسة إيثارية تدعى المنازل النبيلة. لا، كان كل زعيم لكل واحد من هذه المنازل النبيلة قد فعل أشياء بنفس القدر من الأنانية و القسوة و الخيانة، كنت متأكدًّا من ذلك.

"(دوردن) لا يزال يلوم نفسه على حادثة موت والدك كما تعلم" قالت لي (ياسمين) مشيرة لموضوع يبدو خارج سياق حديثنا هنا.

شعرت بأنني صرت واهنا، و انحنيت للخلف مستندا على العارضة، و مبعدا جثة أحد الفرسان عن السطح المصقول من أجل افساح المجال لنفسي "لم يكن ذلك خطأه، تلك المعركة ... حتى أقوى السحرة كان يمكن أن يقعوا فريسة لتلك الوحوش".

قالت ياسمين بحزم و هي لا تزال تسير عبر تلك الجثث التي ذبحتها "أنت على حق، لم يكن ذلك خطأه" "لقد كان خطأ (تروديوس). كان مهملا فيما يخصّ حياة الرجال الذين وثقوا به" توقفت و أشارت إلى جذع جسد تم فصله عن نصفه السفلي "اللورد (درايل) كان مهملاً فيما يخص حياة هذا الرجل هنا) دفعت جثة ساحر قتال ملطخ بالدماء بإصبع قدمها "و اللورد (رافينبور) مع هذا الرجل)، ثم توقفت، و قدميها على جانبي رأس مفصولة عن جسدها "و أرسل (تروديوس) هذه المرأة إلى حتفها أيضًا".

إلتقت نظراتنا، كانت هناك نار مشتعلة خلف القزحية الحمراء لعينيها "لا تعاقب نفسك على الأفعال التي قام بها الآخرين يا (آرثر)".

كان عليّ أن أضبط نبرة صوتي قبل أن أتكلم "هذه الحرب لن تنتهي بمجرد مغادرة آخر جندي من آلاكريا من هذه الشواطيء. فنحن لدينا أعداء أكثر قد وُلدوا هنا و يطلقون على أنفسهم الدكاثيين".

أومأت (ياسمين) برأسها، و سارت إلى جانبي. وصلت إلى البار و سحبت زجاجة شراب، حركت السائل ذهبي اللون داخلها. كان هناك تعبير ما على وجهها لكنه أبعد من أن أفهمه، ثم ألقت تلك الزجاجة بعيدا "حتى القارات عليها أن تطرد شياطينها، على ما أعتقد".

صوت المزيد من الخطى أعلن وصول مزيد من الأشخاص. اتجهت يد (ياسمين) إلى خناجرها، لكنني شعرت من خلال اتصالي مع (ريجيس) أن القتال قد انتهى. (أوغسطين) و زملاؤها قد سحبوا قواتهم، كما أمرتهم.

ضغطت براحتي يدي بقوة على مقلتي عيني، حتى بدأت الأشكال البيضاء تتشكل في مجال رؤيتي. ثم و بنفس ثابت، انتقلت بسرعة إلى المدخل، و لم أرغب في إجراء أي محادثة في هذه الصالة التي تحوّلت إلى مسلخ.

على الرغم من أنني كنت آمل في القليل من لقاءات لمّ الشمل، إلّا أنني ما زلت متفاجئًا من هوية الأشخاص القادمين، الذين توقفوا جميعًا عندما رأوني.

بدا (فينسنت هيلستي) غريبًا في درعه الجلدي و خوذته. كان قد تقدّم في العمر منذ أن رأيته آخر مرة، و أضاف بعض الوزن حول بطنه، و كان هناك إرهاق شديد واضح في عينيه التين كانتا تتسمان بالمرح ذات يوم.

بجانبه كانت ابنته (ليليا) صارت امرأة مكتملة النمو، شرسة و جميلة حتى و هي مغطّاة بالدماء. كانت شاحبة البشرة، و كانت الدموع تنزل من زوايا عينيها و هي تحدق نحوي مصدومة.

و خلفهما كانت (فانسي غلوري) التي لم تنخرط بالمعارك في الخارج.(م م: فانسي غلوري كانت معلمة آرثر بالأكاديمية و هي كانت مسؤولة عن أعمالهم الميدانية حيث أصيبت تيسيا ايراليث جراء هجوم الأسد وورلد وحش المانا الخاص بالطفل غلايدس أمير مملكة سابين)

بينما كان (فينسنت) ينظر إليّ بنوع من الذهول و عدم التصديق، كما لو أنه لم يكن متأكدًا تمامًا مما إذا كان كل هذا حلمًا أم لا، كانت (ليليا) ترمقني بنظرات مختلطة بالغضب و التفاجؤ، تحركت عيناها بسرعة عبر ملامح وجهي، بإستثناء اللحظة التي التقت فيها نظراتنا حيث تجمدت في تلك الحالة.

من خلفهم ، توقفت (فانيسي غلوري) مكانها و اتخذت وضعية الانتباه بحيث كانت احدى يديها خلف ظهرها، و الأخرى على نصلها، نزلت نحو الأسفل مستندة على الأرضية المصنوعة من الغرانيت. كانت عيناها اللامعتان تتألقان ، و شفتيها تضغطان على بعضهما البعض بإحكام لدرجة أنهما تحولتا إلى اللون الأبيض.

"(آرت) صغيري، هل هذا حقا أنت؟" سألني (فينسيت) بينما كان واقفا بمدخل الغرفة.

حاولت أن أوجه له ابتسامة دافئة، لكنها أضافت شعورا بالمزيد من الكآبة على وجهي "مفاجأة".

تنفست (ليليا) و أخذت أنفاسًا متوترة، و تصلّب جسدها مثل الوتر المشدود، ثم قفزت إلى الأمام و لفّت ذراعيها حولي "(آرثر) … أنا – لا أصدق أنك على قيد الحياة!".

تقبلت حضنها بإمتنان. دفنت وجهها في صدري، و كان جسدها يرتجف مع انهمار دموعها المكبوتة. " ماذا عن (إيلي)؟ و (أليس)؟ لم تكن هناك أي أخبار عنهما لفترة طويلة … "

"إنهما بخير" ، قلت مواسيا إياها، و يدي الملطخة بالدماء تداعب شعرها بلطف "كلتاهما بخير يا (ليليا)".

ابتعدت عني و مسحت دموع عينيها، و على وجهها علامات الحرج. و قالت ساخرة "إنه لأمر كبير أن تكون أنت قائدا متصوفا لهذا التمرد". "لكنني أعتقد أن هذه هي الصفة الأكثر أهمية للقائد المجيد ، على أي حال".

(م م: المؤلف سواءا على لسان آرثر في وصفه لفرسان العائلات النبيلة حين واجهوه دون خوف، و الآن على لسان ليليا هيلستي، يذكر مرارا نوعا من فلسفات الحياة اليونانية القديمة، و بالعربية تسمى الفلسفة الرواقية، يتميز من يتبعونها بأنهم لا يخشون الألم، و يعتقدون أنهم يفهمون جوهر العالم الحقيقي، و كيف يتم بناؤه و التحكم في مصيره و مصيرهم معا)

قال (فينسينت) "لا تخجلي أبدًا من عواطفك يا عزيزتي" و صوته يتحول تلقائيًا إلى نبرة أبوية "لا يمكنك التحكم في مشاعرك، و أولئك الذين يحبونك ويحترمونك لن يحكموا عليك لأنك تعبيرين عن نفسك".

مبتسما قمت بتجاوز (فينسنت) و مددت يدي إلى (فانيسي). تخلت عن موقفها المتشدد الذي كانت تتشبث به و أخذت يدي بحزم. عندما قابلت (فانيسي غلوري) لأول مرة كأستاذة في أكاديمية زيروس، كانت حماسة الشباب تميز جميع أفعالها. بعد بدء الحرب مباشرة، وجدتها ثابتة في موقفها و جادة في أداء دورها، مع الكثير من هذا الجو الخفيف حولها، و لكن بشكل عام لم تتغير كثيرا.

الآن ، كانت قد تأثرت بسنوات من الصراع. على عكس (فينسنت)، فإن الحرب لم تجعلها تتقدم في السن جسديًا؛ نفس (فانيسي) القديمة كانت لا تزال واقفة أمامي، بشعرها البني المشدود إلى الخلف و المربوط، كما جرت العادة. لكن الابتسامة البسيطة اختفت، و كذلك النظرة اللعوب المميزة لها التي عادة ما كانت تجعل زوايا عينيها تتجعد.

"أنا آسف أنه لن يكون هناك المزيد من الوقت لنقوم بلم شمل مناسب" بدأت كلامي "لكن الوضع هنا حساس للغاية. و أنا بحاجة إلى إخراج هؤلاء الآلاكريان من زيروس في أقرب وقت ممكن".

ضغطت (فانيسي) على يدي، ثم تركتني و اتخذت خطوة إلى الوراء "بالطبع يا (آرثر)" ترددت قليلا "أنا … لا، الجميع اعتقد أنك ميت" نظرت إلى الأرض و فكها مشدود.

"حسنًا، لست كذلك" قلت بنبرة خفيفة "أعدك بأنني سأخبرك بكل شيء، لكن في الوقت الحالي، نحتاج إلى عيون في جميع أنحاء المدينة. هل يمكنك إرسال الدوريات؟ نحن بحاجة إلى وجود في الشارع للتأكد من أن جنود ألاكريا لن يتخطوا حدودهم".

عبست (فانيسي)، و لم تتعمق في الخوض في هذا الأمر حتى سمعت كلامي ثم أضافت "لا أفهم. لماذا نحن نسمح لهم فقط –".

لم أستطع أن امنع التنهد العميق الذي انطلق من شفتي. توقفت (فانيسي) عن الكلام، و بدأ فكها يتحرّك ذهابًا و إيابًا في حالة هياج.

هذا شيء يجب أن أتذكره. بينما كنت في القارة الأخرى أتعلم رؤية الآلاكريين كأشخاص، لم يشهد أولئك الموجودون هنا في ديكاثين سوى أكثر أعمالهم وحشية. لا يمكنني لوم حلفائي على عدم رغبتهم في التلويح ببساطة بينما يسير مضطهديهم نحو الحرية.

"أعرف أن العديد من هؤلاء الآلاكريين قد ارتكبوا جرائم تستحق العقاب. الحرب هي الحرب، وهذا أمر يصعب التسامح فيه. لن أتظاهر بمعرفة كل ما فعلوه بكم و بك منذ نهاية الحرب. لكن من فضلك، الآن ليس الوقت المناسب للسماح للغضب بداخلك أن يسيطر على حكمك".

تحمّلت نظراتها لفترة طويلة. وضعت قفازاتها على مقبض سيفها. ثم انحنت من منطقة خصها لتقدم لي احترامها "بالطبع يا جنرال".

-------------------------------------------------

ترجمة و تدقيق : Soloris Zilinx

الترجمة لموقع : Sunovels.com