رواية ري زيرو: بدء الحياة في عالم أخر من الصفر 29

—شعر ناتسوكي سوبارو بأن لحظة واحدة فقط قد مرت بين فقدانه الوعي وبين استيقاظه.

في لحظة تحطم رأسه على الأرض الصلبة، وغمر عالمه باللون الأحمر.

وفي نفس اللحظة التي فقد فيها جميع حواسه الخمس، وجد نفسه فوق سرير ناعم مألوف.

“يا للعجب -”

زفر سوبارو واسترخى جسده بينما تراجعت صدمة الموت من روحه.

كان ما حدث كافياً كي يجعله يسحب الملاءات وينكمش تحتها، متناسياً حتى أن يتنفس.

بالطبع كان كذلك.

لم يكن القفز من فوق منحدر وانهاء حياته شيئا عاديا.

كانت وفاته الرابعة في هذه الدورة عن طريق انتحاره شخصيا.

وبدون أي دليل لكيفية عمل “العودة من الموت” أو أي سابقة معروفة، كان من الممكن أن تكون هذه حقًا نهاية حياة سوبارو و لكل من يعرفه.

لكن-

“لقد عدت…”

ضغط سوبارو بقبضته المرتجفة، وهو يبتسم برفق متأملا السقف الأبيض الذي ملأ بصره.

السرير الناعم، والوسادة ذات الرائحة الحلوة ، والجناح المؤثث جيدًا – كانت كلها مواصفات تخص غرفة الضيوف التي استقبلت سوبارو في يومه الأول في قصر روزوال.

والأهم من ذلك-

“أختي! أختي!. يبدو أن ضيفنا العزيز بطيء في الاستيقاظ “.

“ريم! ريم!. يبدو أن ضيفنا العزيز بطيء الفهم بالنسبة لعمره “.

كانت الأختان التوأمان تتشابكان الأيدي وعيناهما جنبًا إلى جنب بينما كانتا تنظران إلى سوبارو الراقد على السرير.

كانتا ترتديان فساتين سوداء صغيرة مع مآزر بيضاء في المقدمة وأغطية رأس من الدانتيل الأبيض المبهر فوق تسريحات الشعر القصيرة ، كانت أحداهما ذات شعر وردي ، والأخرى ذات شعر أزرق. كانت وجوههم شابة وجميلة.

لقد كانوا الخادمات اللواتي اعتنين بالقصر، وأيضًا سبب عودة سوبارو من الموت.

ارتجف قلب سوبارو عند سماع أصواتهم المألوفة تتحدث بنفس الطريقة المألوفة، مثلما حدث طوال حيواته الخمس اللواتي مر بها منذ لقائهم الأول.

كان لديه الكثير من الأشياء التي يريد أن يسأل عنها. لكنه شعر وكأن شيئًا ما محتجز في حلقه؛ ومهما حاول فلن تخرج الكلمات.

برؤية ريم حية وبصحة جيدة، بينما تصرفت رام بوقاحة نموذجية ، بدا كل شيء عاديًا وطبيعيًا لدرجة أنه كان من الصعب على سوبارو الحفاظ على مشاعره مخفية.

“ضيفنا العزيز!، ضيفنا العزيز!. هل هناك خطب ما ؟ هل أنت على ما يرام؟ ”

“ضيفنا العزيز! ، ضيفنا العزيز!. هل انت مريض؟ ربما لديك مرض مزمن؟ ”

وضع سوبارو يده على صدره وخفض رأسه أمام التوأمتين المتسائلتين.

ذهبت كلا من الخادمتين إلى جانب واحد من السرير، ومددن كف واحدة صغيرة لكل منهما كما لو كانا يلمسان سوبارو من كلا الجانبين.

تلك الأيدي –

“اسمحوا لي أن أستعير هؤلاء لثانية.”

“إيه؟”

“آه.”

لم ينتظر سوبارو موافقتهم، وسرعان ما أمسك بأيديهم، وشبك أصابعه في أصابعهم.

تجمدت الأخوات في مفاجأة، بينما شعروا بأصابعه النحيلة ودفء راحة يده.

“أجل ، كنت أعرف… لا شك في ذلك.”

تذكر سوبارو الإحساس بأيديهم وكيف أن دفئهم أنقذه في وقت الحاجة.

لم يكن مخطئا بشأن ما أعطاه التصميم على القفز من ذلك الجرف.

سحبت كلتا منهما يديها للخلف ونظروا بازدراء على سلوك سوبارو الوقح والمنحرف.

“لا ، ضيفنا العزيز. أنت مخطئ بالتأكيد. حول كل شيء.”

“لا ، ضيفنا العزيز. حتى ولادتك بالتأكيد كانت خاطئة “.

لكن سوبارو أومأ برأسه كما لو كانت تلك الكلمات القاسية موسيقى تنعش روحه.

“كل ما تقولونه تم أخذه في الاعتبار ، ربما لا يجب أن أبتسم… لكن في الوقت الحالي ، أشعر بالرضا.”

“أختي! أختي!. هل يستمتع ضيفنا العزيز بالإهانة؟ ”

“ريم! ، ريم!. هل يمكن للضيف أن يكون منحرف؟ ”

كانت هذه اتهامات غريبة يتهم بها “عزيزهم الضيف” بهذه السرعة، لكنه ابتسم وترك الامر ينزلق(تجاهله).

إذا كان هذا يعني أنه يمكنه فعلاً فعل الأشياء مع الاثنين، فإن كل شيء آخر كان غير مهم.

في مواجهة موقف أقل حذرًا ونفورًا، قفز سوبارو من على السرير. ضغط بيده على مؤخرته بينما قام بفحص حالة جسده مرتين قبل أن يتجه نحو وجهيهما المتحير.

“آسف لفعل ذلك في وقت سابق دون أن أقول مرحبًا. ومع ذلك، هناك شيء أريد أن أقوله بخلاف الاعتذار “.

عقد سوبارو ذراعيه، ونفخ صدره بشكل كبير ، ونظر إلى أسفل ، في مواجهة رام وريم مباشرة. شعر سوبارو بالنظرات الحادة إلى حد ما التي توجهت نحوه، فكر “ربما بدأوا بالفعل في تقييمي”.

إذا لم يستطع ناتسوكي سوبارو كسب ثقتهم، بل ثقة الجميع تحت سقف هذا القصر ، فلن يأمل في استعادة الوقت الهادئ الذي فقده.

لذلك اختار أن يلقي بالحذر في مهب الريح، على أمل تهدئة شكوكهم –

“أعني ، يا إلهي ، أنا لست نوعًا من الجانحين الذين لا يستطيعون التعايش مع أي شخص …”

عند سماع همهمة سوبارو، قام كلاهما بإمالة رأسيهما قليلاً ، كما لو كان لديهما شكوك حول ذلك.

وجد أنه من المضحك أنه حتى الآن كانت إيماءاتهم متزامنة ، شعر سوبارو بالتوتر واستنزاف الإجهاد من جسده. كان يعرف بالفعل ما يريد أن يقوله ، وكذلك ما يجب أن يفعله.

“- أنا أثق بكم ، فلنتعايش معًا بسلام، حسنًا؟”

وتمامًا كما في حياته الأولى ، سيبذل قصارى جهده لكسب ثقة الفتيات.

إن امتلاك القليل من المعرفة بالمستقبل لم يغير طبيعة سوبارو الأساسية ، ولا حتى مجرد احتمال صغير أن يكون قادرًا على تغيير الأشياء. كل ما أمكنه فعله الآن هو معالجة الموقف أمام عينيه وعيش كل يوم على أكمل وجه.

بسماع طلب سوبارو جعل ذلك التوأمتين تنظران إلى بعضهما البعض ويتبادلان محادثة صامتة بأعينهما. كان ذهابهم وإيابهم لا يزال مستمر حتى نظروا فجأة نحو الباب ، حيث أن لاحظوا فتاة تدخل في تلك اللحظة.

كانت بشرتها شاحبة لدرجة أنك تكاد ترى من خلالها ، وبشعر فضي كان يتدلى حتى وسطها. بدت عيناها البنفسجيتان وكأنهما تنبعثان من تعويذة سحرية تجذبك إليها. كانت تلك هي “إيميليا” ، الفتاة ذات الجمال الملائكي.

قامت إيميليا ، التي لاحظت أن سوبارو يحدق بها ، بالابتسام ابتسامة صغيرة وهي تنظر نحو الثلاثة الموجودين في الغرفة.

“سمعت ضجة ، لذلك جئت لألقي نظرة… تبدو حيويًا جدًا ، سوبارو. أنا سعيدة.”

“شعرت بنوع من الصراع ، لكن رؤية إيميليا تان دمرت كل ذلك”.

“ابتسامتك دواء للروح”.

“آسفة ، أنا لا أفهم حقًا ما تقوله …”

ظهرت نظرة مضطربة على وجه إيميليا الجميل لأن سوبارو كان يتحدث بسلاسة أكثر من المعتاد.

“حتى مظهرك الحزين لطيف … أنت دائمًا جميلة، وهذا يجعلني أشعر بالانتعاش.”

“بطريقة ما ، هذا يبدو نوعًا ما مخيفًا. لكن صباح الخير. أنا مسرورة أنك بخير.”

وسرعان ما اختفت النظرة السابقة وحلت مكانها ابتسامة ساحرة.

فيما يتعلق بإيميليا ، كان هذا أول لقاء لهم بعد أحداث العاصمة الملكية.

قبل سوبارو بصدق كلمات إيميليا حيث ارتاح لرؤيتها بعد عودته من حافة الموت.

“اجل ، صباح الخير. حسنًا ، لنبدأ من جديد ، أليس كذلك؟ ”

قامت الفتيات الثلاث في الغرفة ، اللائي لم يفهمن ما يعنيه سوبارو بذلك ، بإمالة رؤوسهن قليلاً بنظرة متحيرة.

برؤية ثلاثتهم يتفاعلون مثل الأخوات جعل سوبارو ينفجر ضاحكاً.

“ما قصدته هو أن الوقت قد حان لبدء تنظيف قصر روزوال.”

كان هدفه هو الوصول إلى الصباح الذي يتمنى أن يراه ، ولكل شخص في القصر.

– الآن ، فلنبدأ.

وهكذا ، بدأ يومه الأول في قصر روزوال للمرة الخامسة.

لقد احتاج إلى تجاوز عقبتين رئيسيتين لتجاوز أسبوعه الأول في قصر روزوال.

الأول هو كسب ثقة كل من يعيش هناك. لم يكن هذا يعني فقط رام وريم ولكن سيدهم روزوال أيضًا.

إذا رأت الفتيات أن أي جزء منه يبعث على الشك ، فإن فرص قتله لإسكاته كانت عالية بشكل استثنائي.

العقبة الثانية كانت القضاء على السحرة الذين سيهاجمون قصر روزوال.

لكنه لم يكن لديه أي قوى للقيام بذلك حتى الآن.

كان خصمه قاسيًا ، وبقيت هويته الحقيقية مخفية حتى عندما كان سوبارو في حياته الخامسة.

احتاج سوبارو الى كسب ثقة التوأمتين والتعامل مع هذا الساحر الشرير المجهول.

تلك كانت متطلبات النصر التي اكتشفها بوفاته الرابعة.

ومع ذلك ، لا يزال سوبارو يفتقر إلى العديد من العناصر التي يحتاجها للوفاء بهذه المتطلبات. وعلى الرغم من عودته من الموت ، لم يكن قادرًا على وضع يديه على أي شيء صلب

شعر بأن رأسه عالق بين المطرقة والسندان ، لكن سوبارو تخلص من مشاعره السلبية وتطلع إلى المستقبل.

كان عليه أن يواجه الجدار الواقف أمامه مهما كان ارتفاعه.

لقد كان ذلك هو سبب اختيار سوبارو للعودة، دون معرفة ما إذا كان سيفعل ذلك. قرر أنه بعد أن يموت على يديه ، سوف يفعل ذلك … حتى لو عنى ذلك قتله حقا.

كان القمر يرتفع في سماء الليل حيث جرت مناقشة خاصة في المكتبة التي تقع في أعلى طابق من قصر روزوال.

جلس رجل على المكتب، يطرح سؤاله بأسلوبه البطيء والمبالغ في الكلام.

“إذن ، كيف هو ، رام؟ كيف تقيمينه مما رأيت؟ ”

لقد كان رجلاً بشعر نيلي طويل وبشرة شاحبة بشكل رهيب، وكان يبدو وكأنه فتى جميل كلاسيكي – ولولا الماكياج الذي جعله يشبه المهرج. هذا، بالإضافة إلى نمط حديثه الغريب ، جعله رجلًا يصعب نسيانه.

كان هذا روزوال. صاحب القصر وسيده.

شارك في هذه المحادثة روزوال وخادمة معينة- رام-.

شبك روزوال ذراعيه وابتسم ابتسامة عريضة بينما أمالت رام برأسها بعمق في التفكير. رفع حاجبه على ما رأى ، حيث إن ترددها في تقديم تقريرها كان مشهدا نادرا.

“همممم ،رؤية رام ، التي تحكم على كل شيء بشكل سريع ومفاجئ ، مترددة جداً ، انه مشهد رائع أليس كذلك؟ ربما يوم واحد لا يكفي بالتعرف عليه؟ ”

“ليس هذا هو الحال. ومع ذلك…”

على الرغم من أنها أنكرت ذلك على الفور، إلا أنها كانت مترددة في كلماتها. وضعت رام أنملة إصبع على شفتيها وبدا أنها لا تزال غير متأكدة قليلاً عندما بدأت في التحدث مرة أخرى.

“دعني أقيمه أولاً. انه … عادي … ليس لديه أي قدرة. ولا يصلح حتى كخادم هاوٍ “.

“يا الهي… أليس من المحير إلى حد ما أنه طلب هذه الوظيفة بنفسه؟”

ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه روزوال وهو يتذكر الطلب الذي قدم له على الإفطار في ذلك الصباح. لقد تذكر أيضًا الكلمات التي استخدمها الضيف الذي استيقظ حديثًا أثناء سعيه للحصول على مكافأة مقابل مآثره.

ما برز في ذهنه هو ادعاء سوبارو بأنه مراهق يتمتع بصحة جيدة، وتعليم نصف لائق، وعقله سليم. لقد كان تقييمًا ذاتيًا قويًا يستحق النظر فيه، وعلى نفس المنوال، يستلزم ذلك مستوى معينًا من الحذر.

وفقًا لذلك، أمر رام بالإشراف على تعليمه، وكذلك مراقبة أفعاله والإبلاغ عن النتائج التي توصلت إليها، كما كانت تفعل تلك اللحظة. لم يكن يعتقد أن الأمر سيحل في يوم واحد، لكن تردد رام في تقديم تقريرها كان مشكلة في حد ذاته.

أسند روزوال خده على يده. صمتت رام قليلاً قبل أن تفتح فمها.

“هناك بعض الأشياء الغامضة حول سوبارو.”

“حسنا. تحدثي “.

“يمكن القول إنه بدون موهبة تمامًا ، ولكن يبدو أن سوبارو… سريع البديهة إلى حد ما عندما يتعلق الأمر بأشياء معينة.”

“ماذا تقصدين ، سريع البديهة إلى حد ما؟”

“هذه الأشياء صغيرة جدًا ، ولكن … في منتصف العمل ، يبدو أنه على دراية بالتفاصيل الصغيرة حول القصر ، أشياء لم أعلمه إياها بعد. عند وضع الأطباق بعيدًا، فتح الأدراج بالترتيب الصحيح. أيضا … يعلم أين نضع أوراق الشاي. ”

“”

لم يقل روزوال شيئًا ردًا على كلمات رام، وبدلاً من ذلك وضع بصمت إصبعه على ذقنه.

أضافت رام وهي ترى روزوال يفعل ذلك

“بالطبع، هذه كلها تفاصيل بسيطة للغاية. بعد الإفطار، قمت بجولة قصيرة حول القصر. لاحظت أن عينيه تنجرفان إلى أماكن مختلفة. هذا كل شيء حقًا، لكن … ”

“أرى ، هناك الكثير من الصدف الحادثة لدرجة انها تتعدى مجرد أن تكون صدف بسيطة … هذا أمر مثير للاهتمام إلى حد ما.”

يبدأ الشك من أصغر الأشياء. إذا لم يكن يفكر كثيرًا في الأمر، كان بإمكان سوبارو فحص القصر قبل التسلل إليه بجدية. ولكن ما جعل هذا الاحتمال صعبًا هو …

“كان إنجازه هو حماية السيدة إيميليا في العاصمة الملكية ، أليس كذلك …؟”

“يبدو ذلك أيضًا بانه… وسيلة مكشوفة للتسلل إلى القصر. على أي حال، كان من الممكن أن يكون قد فقد حياته لو لم تكن السيدة بياتريس موجودة”.

كانت ذكرى نقله إلى القصر ما زالت حية في ذهن روزوال. وعلى الرغم من أنه لم يشفي الصبي شخصيًا، كان من المستحيل أن تشارك بياتريس في مثل هذا المخطط.

علاوة على ذلك، قامت رام برعاية سوبارو الجريح طوال طريق العودة من العاصمة الملكية. لذا كان التآمر وراء كلا منهما أمرًا مستبعدًا للغاية.

“كل الأشياء التي تم أخذها في الاعتبار ، تبدو مثل هذه الأفكار مفرطة إلى حد ما في ضوء الوقائع.”

” صائدة الأمعاء ” التي هاجمت السيدة إيميليا … أظن أنه من الممكن أنه تآمر معها للتسلل إلى القصر ، لكن … ”

افتقرت كلمات رام إلى المصداقية، مما يوحي بأنها أيضاً رأت أنها فكرة غير مرجحة. من الجانب الآخر، هز روزوال رأسه.

“لا ، هذا غير ممكن. بالتأكيد لا نحتاج حتى إلى الشك في أن صائدة الأمعاء سوف تتعاون معه؟ ”

“هل هذا صحيح؟”

“والأهم من ذلك ، هل هناك أي قضايا أخرى ذات أهمية؟” حثها روزوال على المضي قدمًا، بينما خفضت رام عينيها.

“أفترض أنه … إذا وضعنا جانبا كونه سريع البديهة من وقت لآخر … فإن سوبارو متفائل للغاية ، لدرجة انه مقزز إلى حد ما.”

“هاه؟”

شعر روزوال بالدهشة من تصريح رام. يبدو أنها لم تكن تختار كلماتها بعناية بقدر ما كانت تبحث عن الكلمات المناسبة لاستخدامها.

بالتأكيد حتى رام كانت تعلم أنها قالت شيئًا خارج الموضوع. تابعت “رام” بينما بدت محبطة من عدم قدرتها على إيجاد تقييم أكثر دقة.

“مما أراه ، فهو ثرثار واذا تركته وشأنه سيتحدث حتى الموت. ابتسامته لا تترك وجهه أبدًا عندما يتعثر في شيء ما، ويبدو أنه منتبه بشكل استثنائي لكيفية تصرفه تجاهنا … ”

“… ما رأيك في ذلك؟”

“… الأمر مختلف عما وصفته السيدة إيميليا … أي فيما يتعلق بكونه صادقًا في ما يتعلق برغباته الخاصة مثل طفل صغير ، ولكنه صادق بطريقة محببة …”

حاولت “رام” إبقاء ردها على السؤال الدقيق قصيرًا قدر الإمكان.

روزوال، الذي كان لديه القليل من الاتصال مع سوبارو ، لم يستطع فهم ما الذي جعل رام تشك فيه. لكن هذه كانت كلمات خادم مخلص له سجل طويل في الخدمة. أسند روزوال ذقنه وهو يستوعب تقرير رام

“أرى أنه يجب علينا مراقبته لبعض الوقت. كان يومه الأول صعبًا، لكن ليس بشكل لا يمكن تحمله. إنها حقيقة أيضًا أنه يستحق مكافأة لإنقاذه السيدة إيميليا “.

“… أذلك … ضروري؟”

تردد رام جعلها تبدو وكأنها لا تريد أن تسمع ما سيقال بعد ذلك.

ظل التعبير على وجهها كما هو ، لكن روزوال قضى وقتًا طويلاً معها بما يكفي ليمكنه من معرفة ما تشعر به في داخلها. رأى روزوال لحظة ضعف رام بعينه الصفراء وهز رأسه قليلاً.

“هذه مسألة يجب أن نتعامل معها بهدوء كبير. قبل كل شيء، تأكدي من أن ريم لا تتسرع في أي شيء”.

أومأت رام بشكل حاد ردا على أمر روزوال.

كانت الخادمة التي لم تشارك في المحادثة، ريم، تميل إلى التصرف وفقًا لأفكارها من وقت لآخر. عادة، يمكن أن يقابل حكمها المتسرع بتوبيخ صغير لطيف.

لكن في مثل هذه الأوقات، كان من المرجح أن يدفع العمل المستقل الأمور في اتجاه سيئ للغاية. قد تقضي على الخطر مسبقًا، مما يؤدي إلى تفاقم علاقته مع إيميليا في هذه العملية.

وهذه الفكرة لم ترق له.

“أجل ، سأسعى إلى أن لا تتصرف ريم بناءً على شعورها بعدم الثقة تجاه سوبارو.”

استند روزوال إلى الوراء على الكرسي. شعر صوته بالتعب إلى حد ما وهو يتذمر.

“أنا ممتن لك للغاية. هذا وقت التوقعات العظيمة … في الواقع، حان الوقت لاختبار تلك التوقعات “.

بدت رام وكأنها تريد أن تقول شيئًا، لكنها أغلقت فمها وأمسكت لسانها. نزل الصمت بين الاثنين حيث انجرف هواء الليل البارد.

“لذا ، يا رام ، هل نختتم تقريرك هنا؟”

“…أجل. أعتذر عن عدم قدرتي على نقل الكثير “.

“لن أؤنبك على شيء من هذا القبيل. الآن، إذن ، هل نفعل ذلك؟ بعد عدم فعل هذا لمدة يومين ، لابد أنك تتألمين بشكل كبير ، أليس كذلك؟”

“ألا تفعلين؟”

“أه نعم.”

بدت “رام” بطريقة ما وكأنها مسحورة حين ردت على روزوال. من وضعية وقوفها أمام المكتب، بدت وكأنها تتمايل وهي تقترب من روزوال وتجلس بخنوع على حجره.

“مرة أخرى ، إذا أردت … اسمح لي.”

“” إنه مجرد فعل طبيعي. سنفعل نفس الشيء كما هو الحال دائمًا، لا يوجد ما يدعو إلى الإحراج. جسدك الثمين لا يخصك وحدك، بعد كل شيء؟ ”

قال وهو يتحسس خدها. أغمضت عينيها بلطف وهو يميل رأسها لأعلى. أرجع روزوال شعرها الوردي بيده الأخرى، وأغمض إحدى عينيه ، محدقا في رام بقزحية عينه الذهبية.

“الآن ،انظري في عيني ، بالنظر إلى ما أنت عليه بالنسبة لي… يجب أن نتعايش بشكل جيد ، حسنا؟”

كانت تمتمات روزوال في الغالب موجهة الى نفسه حينما تحول وعيه إلى أداة مختلفة عن استخدامه الاصلي. حدقت في رام في عينه، ينما غرق وعيها ووعيه معا.

وأخيرا انتهت الليلة الأولى في قصر روزوال مع انتهاء المحادثة المشبوهة بين السيد والخادمة.

“صباح الخير! الطقس رائع اليوم ومثالي لغسيل الملابس! دعونا نجعله هذا يومًا سعيدًا! ”

فتح سوبارو الستائر للترحيب بقدوم شروق الشمس.

كانت هذه هي مرته الخامسة في صباح اليوم الثاني في قصر روزوال.

كان يقف في وسط الحديقة، وكان جسده ينتعش بضوء شمس الصباح بينما كان يلوي الجزء العلوي من جسده في كل مكان. كان يقوم بتمارين الإحماء الصباحية الشهيرة لتدوير الدم في جميع أنحاء جسده، مع الاستفادة الكاملة من الطاقة التي اكتسبها من النوم.

“أجل ،انتصاار!”

أخيرًا، دفع بكلتا يديه إلى السماء وصرخ معلنا انتصاره على أنهاء بداية يوم جديد.

مسح سوبارو بقوة العرق الخفيف على جبينه واستدار بابتسامه. ابتسمت إيميليا، وإن كانت ابتسامة قصيرة بينما كانت واقفة في زاوية الحديقة وهي تشارك في حديثها اليومي مع روحها المرافقة تحت ظل شجرة.

“أنت حقًا نشيط في الصباح …”

“هاي ، لا تتحدثي وكأن هذا كل شيء أفعله. إيميليا تان! ”

باك، روح القط الصغير المملوك لـ إيميليا ، كان يحوم بجانبها وهو ينظف وجهه بمخلبه.

“عندما أراه ينظف وجهه هكذا ، فأنا أظن إنه قط حقيقي. أعتقد أن الأرواح تشعر بالنعاس أيضًا، أليس كذلك؟ يبدو أنه نصف نائم “.

“أنت تنام عندما تكون متعبًا أيضًا ، أليس كذلك؟ هكذا المر عندما تتلاشى الـ مانا، مصدر قوتنا الحيوية ، هذا وصف قريب بما فيه الكفاية. إذا لم نحصل على ما يكفي من المانا … ”

في وسط كلامها وضعت إيميليا يدها على فمها وتثاءبت قليلاً أيضًا.

“لقد سهرتما ، أليس كذلك؟ كنت مستيقظة تتحدثين عن فتى أحلامك، أليس كذلك؟ أخبريني! هاه؟ هل أخبرك بمواصفات فتاة أحلامي؟ أي نوع من الفتيات أحب …؟ هذا، آه ، من المحرج أن أقول ، كما ترين … ”

طوى سوبارو ذراعيه، ونظر إلى أسفل بينما كان ينظر قليلاً إلى إيميليا.

“حسنًا ، حسنًا” ، قالت إيميليا وهي تلوح عرضًا. “أنا أحب الأرواح. والأرواح تحبني. النهاية.”

“حب متبادل؟! هل هناك مكان لي هناك ؟! ”

“ولا حتى قليلا ، مواء!!. سحري يرفرف على قلب ليا. قد لا تكون صيدًا سيئًا، سوبارو ، لكن كل هذا ضاع أمامي. يجب عليك فقط التخلي عن ليا،… مواء !، مواء! ”

حدق سوبارو في باك، بتوبيخ، لكن إيميليا أمسكت بأذن كلا منهما قبل أن يتمكنوا من بدء أي هراء.

“لا تنجرفوا بخيالكم. سأكون مستاءة إذا كان هذا كل ما يفعله كلاكما “.

“آه، آه ، إنها مستاءة ، آه!”

تحمل سوبارو وباك بخنوع عقاب إيميليا معًا.

عندما تركت إيميليا آذانهما، فرك كلاهما رأسيهما المتألم بينما كانت إيميليا تقف أمامهما ويداها على وسطها.

“أنا سعيدة لأنكما تتعايشان جيدا معًا ، لكن لا تسخروا من الأشخاص حولكم فقط حتى تتمكنوا من اللعب. قولا نعم إذا فهمتما”.

“نعم.”!

رفع كلاهما يده وأومأ بقوة.

كان الغريب انه على الرغم من أنها تعامله كطفل كان يجب أن ينزعج سوبارو الا إن رؤية ابتسامة إيميليا اللطيفة والراضية جعلت مثل هذه المخاوف الصغيرة بلا معنى.

لم تلاحظ إيميليا أن سوبارو قد سقط تمامًا بسبب ابتسامتها، صفقت بيديها فجأة.

“أوه ، حسنًا ، الآن جيد. سوبارو، اجلس هنا للحظة؟ ”

جلست إيميليا على العشب وساقيها على الجانب، بينما ربتت على الأرض بجانبها.

“أتقصدينني ؟! ماذا ماذا؟ الآن جيد لماذا بالضبط؟ بغض النظر عن طلبك ، لا يترك ناتسوكي سوبارو أي معركة دون قتال. إذا كان هناك مكان لا يمكنك الوصول إليه ، فقط أشيري اليه! ”

“كل ما قلته هو أن تجلس بجانبي. هذا رد فعل أكبر مما توقعت”.

“ماذا علي أن أفعل؟”

ومما لا يثير الدهشة، ابتسمت إيميليا ابتسامة كبيرة من حماس سوبارو العنيف.

“… كان يوم أمس أول يوم لك في العمل. كيف سار الأمر؟ هل كان جيدا؟”

“آه ، نعم ، لقد فشلت في ثمانين بالمائة من الأمور!”

“أرى؛ أنت بالتأكيد مليء بالغرور… إيه؟ فشلت؟ ثمانون بالمائة؟ ”

“إيه، ربما يكون الثمانين رقم مبالغ به… ربما أشبه بستون ، لا … سبعون-

خمسون؟.”

“لا يزال هذا يعني أنك أخطأت في الكثير من الأشياء …”

تصرفت إيميليا وكأنها شعرت بالمسؤولية بطريقة ما عن نتيجة سوبارو المنخفضة بشكل غير متوقع. لكنها رفعت وجهها على الفور لإظهار قلقها.

“آه ، ولكن ، هذا يعني أنك أنجزت عشرين بالمائة من العمل في يومك الأول ، هاه؟ هذا جيد؛ أنا متأكدة من أن كل شيء على ما يرام. فلتتحل بالثقة”.

“أجل ، أنت على حق! إنه طريق طويل، إذا بدأت بنسبة عشرين في المئة، فيمكنني رفعها شيئًا فشيئًا! ”

“لا تكن مغرورًا. فكر في الأمر بهدوء”.

“إذا كنت ستبدئين المحادثة بلطف ، فلماذا لا تنتهينها بلطف ؟! آه، لا شيء ، أنا آسف جدا “.

تقلص سوبارو، الذي خضع لضغط من وهج إيميليا ، وأومأ برأسه بخنوع.

على كل حال…

“أشعر وكأنني أخيب آمال رام وريم بطريقة ما. الحصول على نتيجة عشرين بالمائة جيد بالفعل…. “بذل قصارى جهدي” هو الشيء الوحيد الذي أبرع فيه، لذلك لا تساعديني. سأتحسن فقط بدفع نفسي للمضي قدمًا “.

“إذا كنت تريد أن تكون متفائلاً حيال ذلك ، فلا يوجد شيء آخر يمكنني قوله ، ولكن …”

عند سماع تصريح سوبارو الإيجابي، قامت إيميليا بتدوير شفتيها إلى شيء يشبه العبوس. السلوك الطفولي اللطيف الذي أظهرته من وقت لآخر لم يفشل أبدًا في إشعال الشوق الناري في سوبارو.

لكنه كبح جماح نفسه وأطفأ هذا الجمر.

أشار سوبارو إلى إيميليا بإصبع من كل يد في لفتة كوميدية.

“لذا ، كما ترين ، أقضي كل يوم مع الأخوات الخادمات حيث يدرسونني بينما أكرس نفسي للحياة كخادم. إذا سئمت من تلك الحياة، فسأركض إلى حضن إيميليا تان ، لذا اتركي مكان لي، حسنًا؟ ”

“… لم اسمع الا النصف فقط ، ولكن بدا ان الأمر جيد نوعًا ما.”

“تقييم قاسي مع وجه لطيف! حسنًا، النصف هو جزء من الكل، هذا جيد! ولكن كما قلت، اتركي لي مكان، إيميليا تان … لا تسرق مكاني ، باك! ”

وأشار سوبارو بإصبعه إلى باك.

رد باك على إعلان الحرب بنقرة عرضية على شعيراته الخاصة.

“لا يهم ما تقوله ، اتفاقي مع ليا يعني أن قلبها وجسدها لي بالفعل. لن يكون هناك تغيير في علاقتنا مواء، مواء! ”

أمسكت إيميليا بأذني باك لسلوكه المنحرف وألقته في الهواء لجعله يفكر في الخطأ الذي فعله.

“يا إلهي ، لا تغير شروط اتفاقنا من وراء ظهري.”

ربما كان باك معتادًا على ذلك بالفعل، لأنه على الرغم من ذلك، هبط ببساطة بين يدي إيميليا وتلوى فيها بسعادة بنظرة هادئة تمامًا.

لم يستطع سوبارو إلا أن يشعر بالحسد من علاقتهما.

“حسنًا ، الآن بعد أن قمت بالإحماء، من الأفضل أن أبدأ العمل الصباحي.”

“ماذا تقصد بـ” الإحماء”؟”

“مضايقة إيميليا تان.”

“ها أنت ذا مرة أخرى. إذا كان كل ما تفعله هو مضايقة الناس، فلن يثقوا في أي شيء تقوله عندما تقول الحقيقة ، كما تعلم؟ ”

“هذا يبدو وكأنه شيء من قصة خيالية. إذا حدث ذلك، كل ما في الامر أنني سأحصد ما زرعته … ”

“انتظر، أنت تخبرني أن…؟”

ومع إعطاء إيميليا نظرة غاضبة، ابتسم سوبارو ابتسامة مشرقة

قال وهو ينهض، متجاهلاً ألم مؤخرته.

“سوف يقلقون بشدة إذا لم أذهب. حيث من المفترض أن أساعدهم في اعداد وجبة الإفطار هذا الصباح. إيميليا تان، أنت لا تحبين أكل الفلفل الأخضر ، أليس كذلك؟ سأتأكد من عدم وجود أي منه على صحنك “.

“إذا عليك أن تأكل كل الخضار الذي لا أكله- انتظر متى أخبرتك أنني لا أحب الفلفل الأخضر؟”

قامت إيميليا بإمالة رأسها بنظرة استجواب بينما غادر سوبارو بابتسامة صغيرة وتلويحة مرحة.

لقد تحدثت إليه بالفعل عن ذلك؛ حتى أنه رأى نفورها من الفلفل الأخضر بأم عينيه.

ركز على البقاء على الطريق، وكان يبتسم دائمًا كلما نظرت إليه إيميليا.

– كان عليه التركيز والتركيز والتركيز دائمًا للحفاظ على هذه الابتسامة على وجهه.

راقبت إيميليا سوبارو وهي يسير حتى غاب عن الأنظار قبل أن تتنهد.

نظرت ايميليا الى باك الذي كان يشاهد سوبارو وهو يغادر …بعد فترة عندما أدرك أن إيميليا تراقبه رفع رأسه.

“لماذا هذا الوجه؟. ما هو الخطأ؟”

“أشعر بالإحباط بطريقة ما. لا أستطيع حقًا أن أصف شعوري بالكلمات “.

تراجعت إيميليا عن المحاولة للتعبير عن عدم ارتياحها الداخلي. لكن ما وقع في حلقها لم يحظ بفرصة في أن يصبح كلمات لائقة لأنها تنهدت مرة أخرى.

ارتجف أنف باك الوردي وهو يشاهد صراع إيميليا.

“هل أنت قلقة بشأن سوبارو؟ في كثير من الأحيان لا تقلقين بشأن الأشخاص الآخرين وخاصة من هم مثله”.

“لا تصفني وكأنني باردة في التعامل مع الناس. أنا لست سيئة في الاقتراب من الآخرين … الأمر فقط أنني لم تتح لي العديد من الفرص للقيام بذلك! ”

نفخت إيميليا خديها، وهو تعبير رفضت إظهاره لأي شخص باستثناء باك.

على الرغم من أنه بدا وكأنه فعل شقي ومدلل، إلا أنه كان دليلًا على إيمان إيميليا المطلق في باك. ابتسم الروح، الذي قبل ثقتها بسعادة كما لو كان ينظر الى ابنته.

قدم إيماءة تجاه المشاعر الدقيقة التي لم تستطع إيميليا وضعها في كلمات.

“حسنًا ، ليس من المستغرب أنه يبتعد عنك. لأن هذا أصبح يمثل مشكلة إلى حد ما “.

” هاه… مشكلة؟”

سألت بطريقة عفوية، لكن وجه إيميليا أصبح متوترا ؛ بحيث لا يمكن أن تفوت النغمة القلقة وراء كلماتها.

بطبيعته، تصرف باك بالطريقة نفسها تمامًا بغض النظر عن مستوى الضغط الشديد الذي يتعرض له. لم تكن تعرف ما إذا كان ذلك بسبب أنه روح أو ما إذا كانت شخصيته هي التي جعلته على هذا النحو، لكنه قام دائما بتقديم ملاحظات خطيرة اتماما لوظيفته كروح موجودة لاتخاذ القرارات الصعبة والمهمة – وبالتحديد قرارات إيميليا.

عند رؤية إيميليا تلتقط أنفاسها، عبث باك بشواربه. بينما استمر في التحدث بطريقته الخاصة حتى النهاية.

“لقد لمسته قليلا فقط ، لكن عقل سوبارو مشوش. ما يظهره في الخارج لا يتطابق عما في داخله. بهذا المعدل، لن يمر وقت طويل قبل أن ينهار”.

ترجمة: Elwakeel

تدقيق: @SomeoneA