452c729257c65f59شمس الرواياتf61be7d5128c7406eaf7af5f78a6185e
غارفِت وشيرا"لا فائدة، لقد جرّبتُ ذلك من قبل."انبعث صوت كسول وهادئ.كان خنجر أليكس على وشك أن يصطدم بالحاجز حين سمع ذلك الصوت، فغيّر وضعيّة جسده على الفور، وافترق ساقاه وهو يستدير بانسيابيّة.شينغوجّه خنجره نحو مصدر الصوت الذي بدا مرتاحًا إلى حد اللامبالاة، وكأنّ شيئًا في هذا العالم لا يمكن أن يؤذيه.ثبت أليكس نظره على الرجل بتعبير صارم.كان رجلاً ضخم البنية، يقارب طوله المئة وتسعين سنتيمترًا، واقفًا عند مدخل الخيمة الكبرى.رغم بُعد المسافة بينهما، والتي بلغت خمسين مترًا، إلا أن صوته كان واضحًا لأليكس، خصوصًا في ظلّ السكون المخيف الذي خيّم على المكان."لو كنت مكانك، لما وجّهتَ هذا الخنجر ناحيتي..."قالها الرجل وهو يدسّ يده داخل جيب بنطاله بلا أدنى توتر، وكأنّه لا يُبالي بنظرات أليكس الحادّة.'رغم صغر سنّه...'تملّكه الاستغراب من النظرة في عيني أليكس، فقد كان باستطاعته تخمين عمره، لكن هذا كل شيء.'لكلّ إنسان قصّة تخصّه.'هكذا فكّر الرجل.وكما كان يراقب أليكس، كان الأخير يراقبه كذلك.'بنية ضخمة، شعر أسود، لحية خشنة تغطّي نصف وجهه، عينان سوداوان، وسلوك متراخٍ...'تمتم أليكس في نفسه.لقد قرأ عن هذا الرجل قبل قدومه إلى المنطقة.'غارفِت تانوار.'مالك سيرك مواري، ومروّض النمور.رجل يحمل العديد من الألقاب، لكنه لم يكن بارعًا إلا في أمرين: التبجّح، والتحدث مع النمور.لكن هذين الأمرين فقط هما ما جعلاه يبلغ ما بلغه.مالك أحد أشهر السيركات في الهند.ولمن لم يلاحظ بعد، نعم، هذا المكان هو الهند، وتحديدًا ولاية أوتاراخند.أليكس لم يكن هنديًّا، لكنه تعلّم تقريبًا كل لغات العالم، ما عدا بعض اللغات القبلية أو المخفيّة، وأتقنها بإتقانٍ تامّ.لذا، لم يكن العيش في أي بلد أمرًا صعبًا بالنسبة له.وكما كانت مهامه السابقة في أنحاء متفرقة من العالم، كانت الهند هي الموقع الذي يُعتقد أن زعيم المافيا الأخير يختبئ فيه، ومهمّته الأخيرة كانت القضاء عليه.لكن وقبل أن يُكمل أليكس أفكاره، قال غارفِت:"غرررر..."دوّى زمجرة منخفضة جعلت أليكس يشدّ قبضته على خنجره."قلتُ لك، لو كنتُ مكانك، لما وجّهتَ ذلك الشيء نحوي..."كرر الرجل كلماته مجددًا، وهذه المرة كانت الزمجرة أشدّ."غرررررر..."كان تحذيرًا صريحًا، وأليكس، الذي بدأ يبحث عن مصدر الصوت، وجده أخيرًا.'النمر الأحمر.'كان نمرًا ضخمًا؛ حتى وهو واقف على قوائمه الأربع، بلغ طوله مئة وستين سنتيمترًا.كان يقف الآن على بُعد عشرة أمتار خلف غارفِت، يحدّق في أليكس بعينين ليليتين مرعبتين.'أكبر بقليل من الذي قتلته من قبل...'همس أليكس في داخله.علم أن القتال لن يكون سهلًا، لكنه لم يكن يعني الهزيمة.'مسدسي...'تنهد بحرقةٍ لأنه لم يعد قادرًا على استخدام السلاح الناري.لو كان بيده، لكانت المعركة أكثر سهولة."يا رجل، دع الأمر يمرّ فحسب."قال غارفِت، ذلك المتفاخر الماهر، وهو يدرك تمامًا نوايا أليكس، وقد علم من نظراته أنّه لا ينوي التراجع.وعيون أليكس كانت تخبره بأنه لم يكن خائفًا على الإطلاق.وهذا يعني أحد أمرين: إمّا أن أليكس ممثل بارع للغاية، أو أنه قوي بما يكفي ليجعل نمرًا بهذا الحجم لا يُشكّل تهديدًا له.غارفِت لم يرغب في المغامرة وافتراض أنه ممثل فقط.لقد تغيّر العالم، وكل شيء صار مختلفًا.لم يعُد أحد يعرف ما نوع القدرات التي قد يمتلكها خصمك.لذا حاول غارفِت تهدئة الأمور."غررر!"لكن النمر كان له رأيٌ آخر.بدأ يتحرّك خارج الخيمة بخطوات خفيفة ومحسوبة.كان قادرًا على رؤية نظرات أليكس.النظرة الباردة في عينيه. نظرة المفترس.وبرغم تدريبه، فإنّ شيرا، النمر، كان يعرف تلك النظرة.إنّها نظرة المفترس حين يراقب فريسته ويُفكّر كيف سيفترسها.ولأنّ شيرا نمر، لم يتهاون في تفسير تلك النظرة...لم يبقَ أمامه إلا خيارٌ واحد."شيرا! اهدأ، يا رجل!"غارفِت لم يعُد قادرًا على التزام بروده.بدأ يشعر بالذعر.لم يسبق له أن رأى شيرا يتصرف بهذه الطريقة من قبل.شيرا، النمر الذي كان بإمكانه أن يلعب مع طفل في العاشرة لو طلب غارفِت منه ذلك.'لماذا الآن فقط؟!'الأعين التي كانت تراقبه من داخل الخيمة لم تعد تهمّه.الأمور على وشك أن تخرج عن السيطرة.'هل هذا الرجل خطير إلى هذا الحد؟!'كان هذا هو التفكير الوحيد الذي شغل عقل غارفِت.أليكس كان قويًا بما يكفي ليجعل شيرا يتجاهل أوامره.وكان غارفِت على حق."أيها الغبي! ألا ترى الرقم هناك؟! نحن بحاجة إلى الناس الآن، لذا كفّ عن هذه الترهات! لن تجني شيئًا منها!"احتضن غارفِت النمر محاولًا منعه، لكن شيرا تابع السير، ساحبًا إياه خلفه.فحاول غارفِت أن يوقف أليكس.لم يكن لديه خيارٌ آخر.شيرا كان كل ما يهتمّ له، والهالة التي يبعثها أليكس، والتي كان غارفِت قد تجاهلها بفضل مهاراته، بات يشعر بها الآن على نحوٍ مباشر.وغارفِت كان يرتعد لمجرّد ذلك الإحساس.كلّما اقترب من أليكس، ازداد البرد في جسده.ولم يكن يحبّ ذلك، إطلاقًا.كان رجلاً ضخمًا، وقويًّا كذلك، لكنه لم يخض قتالًا من قبل!لم يسبق له أن قتل نملة حتى.هو مجرد متبجّح!حياته كلها كانت قائمة على التباهي والخداع، والناس صدّقوه، أما القتال فليس من اختصاصه!لكن أليكس لم يتفوّه بكلمة.قبضةكلّ ما فعله أنه شدّ قبضته على الخنجر.<عليك أن ترفع نقاط قدراتك، فقط احتياطًا.>قالت الـAI في رأسه، ولبرهة فكّر أليكس في الأمر.'لا، سيتوجب عليّ فعل ذلك يدويًا، وهذا سيمنحه فرصة للهجوم.'لكن في النهاية، هزّ رأسه رافضًا.النظام لا يستجيب للأوامر الذهنيّة، لذا كان عليه فتحه يدويًّا، وهو ما لم يكن متاحًا حاليًّا.كان النمر يبدو شرسًا للغاية، وفراؤه يرتجف مع كل خطوة، وعيناه تقيسان أليكس كفريسة.فاتّخذ أليكس وضعية القتال.وتوقّف شيرا على بُعد أربعة أمتار، يحدّق فيه دون نية واضحة."توقّف، يا رجل. أرجوك!"حاول غارفِت إيقاف شيرا مجددًا، لكن الأوان قد فات..."رررااااه!"بزئيرٍ مفترس، قفز شيرا نحو أليكس.وغارفِت طُرح أرضًا بقوة الانطلاق.'لماذا اضطررتُ إلى التظاهر بالهيبة أصلاً؟!'ندم غارفِت على محاولته القيام بدخولٍ دراميّ أمام القادم الجديد.فلو، فقط لو، لم يزعج أليكس، ربما لم تكن الأمور لتنتهي بهذه الطريقة...انجوي ^_^ اللَّهُــمَّ صَلِّ وَسَـــلِّمْ وَبَارِكْ على نَبِيِّنَـــا مُحمَّد ﷺ عدد ماذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون.🕊🍂
8222ccd9b2b4ce75شمس الروايات57c1ed810f2986cb6f45080183b97ca9
b8bd3934e69dff66شمس الروايات59a84cc6ba8a48557bd1424d8e7c90f7