Ethereon - Planet Ascension

الفصل الخامس: أصوات لا تعود

9cf944bd5b208bf4شمس الرواياتa1eccef501a484543fef0b1724df4cd4

الفصل الخامس: أصوات لا تعوداستيقظت إيرين على صوتٍ غريب.لم يكن صوت الريح، ولا حفيف الغابة…بل همهمة بشرية متقطعة، كأن أحدهم يتحدث داخل رأسها.جلست بسرعة،لكن الصوت لم يتوقف —كان صوت رجلٍ يهمس كلماتٍ لا تعرفها.حاولت تجاهله، غير أن كل نبضةٍ في جسدها جعلت صوته أوضح.“… المرايا لا تعكس… إنها تُذكّر…”شهقت، ووضعت يديها على رأسها.الصوت ازداد قربًا، حتى خُيّل لها أن المتحدث يقف خلفها.التفتت — ولم تجد أحدًا.لكنها كانت ترى شيئًا آخر:انعكاس ظلّها على جذع شجرةٍ قريبة،يتحرّك قبلها بنصف ثانية،ويرفع يده كما لو كان هو الذي يتحكّم بها، لا العكس.⸻في تلك اللحظة، في القصر الزجاجي،كان آرون يجلس في قاعةٍ مظلمة،يحاول إعادة ترتيب أفكاره.كل المرايا التي تحطّمت البارحة أعادت تكوين نفسها خلال الليل،لكنها الآن لم تعد تعكس صورته…بل وجوهًا لا يعرفها.وجوه نساءٍ ورجالٍ يبتسمون، ثم يختفون.وأحيانًا يرى نفسه طفلًا،وأحيانًا يرى امرأةً بشعرٍ رماديٍّ طويل —وجه إيرين.أغمض عينيه،لكن حتى في العتمة رأى ضوءًا ضعيفًا يتسرّب خلف جفونه.سمع صوته — صوته هو — يقول بوضوح:“أنا لستُ هنا وحدي.”فتح عينيه، فوجد على الجدار كلماتٍ كُتبت بالضوء ذاته:“لقد سمعتني، أليس كذلك؟”ارتجف. لم يعرف إن كان يخاطب نفسه أم أحدًا آخر.في تلك اللحظة، شعر بحرارةٍ في راحة يده —اليد التي لامست المرآة.نظَر إليها، فوجد رمزًا دقيقًا من الضوء قد نُقش في جلده،يشبه دائرة تتكوّن من أربع نقاط متصلة بخطوط هندسية.عندما مرّر إصبعه فوقها،سمع في رأسه صوت امرأةٍ خافت يقول:“لا تلمسها… إنها تذكّرك بي.”⸻في الرماد،كانت ميرا تسمع صدى الحديث نفسه،لكن بالعكس.الكلمات تتراجع، تُقال من النهاية إلى البداية.كلما حاولت فهمها، ازدادت غرابة.وفي إحدى اللحظات،سمعت صوتًا واضحًا يشبه صوتها هي،يقول من أعماق الأرض:“لقد مشيتِ الطريق مرتين، ميرا… لكنك نسيتِ المرة الأولى.”تجمدت.كانت تعرف تلك النبرة،كأنها حديث حلمٍ قديم.ثم أدركت أن الرماد تحتها يتحرّك في دوائر صغيرة،يرسم الرمز ذاته الذي نُقش على يد آرون —أربع نقاط وخطوط دقيقة تتقاطع في المركز.مدّت يدها نحو الرماد،وعندما لمسته،شعرت بنبضةٍ في كفّها،ثم انفتح أمامها مشهدٌ عابر:السماء منقسمة،والهواء يتكلم بلغةٍ لا تُسمع.⸻أما فايل،فكان يحلّق فوق الغيوم حين فقد توازنه فجأة.الهواء تغيّر.لم يعد يُطيعه كما اعتاد،بل بدا كأنه يدفعه نحو اتجاهٍ محدد.سمع أصواتًا تتردّد حوله —صوت امرأةٍ تصرخ، صوت زجاجٍ يتحطّم،وصوت طفلٍ يبكي، ثم يضحك.أغلق عينيه لبرهة،فرأى من داخل رأسه ما لم يكن ممكنًا:الغابة الرمادية، والمرآة، والرماد، والقصر.كلها تتداخل، كأن الكوكب صار طبقاتٍ شفافة فوق بعضها.وفي مركزها… وجهٌ واحدٌ يتكرر بأشكالٍ مختلفة —وجه السالك الرابع، الذي لم يظهر بعد.فتح عينيه بسرعة،لكن الهواء حوله كان قد تغيّر بالفعل.السماء انقسمت إلى شرائح زجاجية تتراقص،وعلى كل شريحةٍ نقشٌ هندسيٌّ مضيء يشبه الرمز نفسه.همس:“الأصوات تتقاطع… لكن لمن تعود؟”⸻وفي قلب إيثيريون،تشكّل لأول مرة ما يشبه “النبضة المشتركة”.أربعة وعيون، أربعة أصوات،لكنها الآن تتداخل لتصنع صوتًا واحدًا،يتردد في كل مكان، وفي لا مكان:“لقد بدأ التجاوز الثالث…تذكّروا: ما تسمعونه ليس منكم،بل منكم قبل أن تكونوا.”ثم ساد صمتٌ غريب،صمت لم يكن خلوًا من الصوت،بل امتلاءً به —كأن العالم كله يحبس أنفاسه قبل أن ينطق الحقيقة التالية.

4a902b323b4008dcشمس الرواياتb62c39cb3e7fad0759ef256e22e29041

284cac11516cee9eشمس الروايات653aafd62222a616b3d7ad2c557fadfa