beab3511b4b5c3b7شمس الرواياتf7f17bd585f6b4ac35cc82863de86f62

# الفصل الأول: كان الضباب يلف قرية "تشي يانغ" الصغيرة كعباءة رمادية ثقيلة، حاجباً أشعة الشمس الضعيفة التي حاولت بلا جدوى اختراق تلك الستارة الكثيفة. وفي كوخ متهالك على أطراف القرية، صرخ طفل حديث الولادة للمرة الأولى، لكن صرخته لم تكن كصرخات الأطفال العادية. كانت صرخة مكتومة، كأنها تحمل في طياتها ألف عام من الألم والمعاناة."إنه ولد!" همست القابلة العجوز بصوت مرتعش، وهي تلف الطفل بقطعة قماش بالية. "لكن...""لكن ماذا؟" سألت الأم المنهكة، وقد بدأت تشعر بالقلق من نبرة صوت العجوز."شعره... شعره أبيض كالثلج."ضحك الأب بسخرية وهو يقترب ليرى ابنه. "هل هذا كل ما يقلقك أيتها العجوز؟ مجرد لون شعر؟"لكن العجوز هزت رأسها بحزن. "هذه علامة... علامة سيئة. الأطفال الذين يولدون بشعر أبيض محكوم عليهم بحياة من المعاناة.""خرافات عجائز!" صرخ الأب بغضب. "ابني سيكون أقوى رجل في هذه القرية اللعينة، وسيحمل اسم عائلة تشن بفخر!"أخذت العجوز الطفل بين ذراعيها ونظرت إليه بتمعن. عيناه مفتوحتان على غير العادة لطفل حديث الولادة، وكانتا تحدقان في الفراغ بنظرة ثاقبة كأنه يرى ما لا يراه الآخرون. "اسمه؟" سألت العجوز."تشن لين." أجاب الأب بحزم. "سيكون اسمه تشن لين."***مرت خمسة عشر عاماً."أيها الحقير! عد إلى هنا!"ركض تشن لين بين أزقة القرية الضيقة، متجاهلاً الصراخ خلفه. كان شعره الأبيض الطويل يتطاير خلفه كراية في مهب الريح، وعلى وجهه ابتسامة ماكرة. في يده اليمنى، كان يحمل كيساً صغيراً من القماش، وكان صوت قطع النقود المعدنية يصدر منه مع كل خطوة."لقد سرق نقودي! أمسكوه!"لكن لين كان أسرع من أن يُمسك. انعطف يميناً ثم يساراً، متجنباً الناس والعربات، حتى وصل إلى غابة صغيرة على أطراف القرية. توغل بين الأشجار حتى وصل إلى شجرة عملاقة، تسلقها بخفة قط، واختبأ بين أغصانها الكثيفة.بعد لحظات، مر رجل بدين يلهث بشدة تحت الشجرة، يتلفت يميناً ويساراً بغضب."أين ذهب ذلك الشيطان ذو الشعر الأبيض؟ سأقطع يديه عندما أمسك به!"ضحك لين بصمت وهو يراقب الرجل من فوق. كان يعرف أن الرجل لن يجده هنا. لقد استخدم هذا المخبأ عشرات المرات من قبل.عندما ابتعد الرجل أخيراً، فتح لين الكيس وبدأ في عد النقود. "عشرون قطعة فضية... ليست سيئة لصباح واحد."لم يكن لين يسرق لأنه فقير. في الواقع، كانت عائلة تشن من العائلات المتوسطة في القرية. لكنه كان يسرق لأنه يستمتع بذلك. يستمتع برؤية وجوه ضحاياه وهم يكتشفون أن نقودهم قد اختفت. يستمتع بالمطاردة والهروب. يستمتع بالشعور بالتفوق على الآخرين."تشن لين!"رفع لين رأسه بسرعة عند سماع اسمه. كانت تلك الفتاة، يانغ مي، تقف تحت الشجرة، تنظر إليه بعينين غاضبتين. كانت في نفس عمره، ذات شعر أسود طويل وعينين بنيتين واسعتين. كانت ابنة رئيس القرية، وكانت الفتاة الوحيدة التي تجرؤ على التحدث إليه."انزل من هناك الآن!" أمرته.تنهد لين بضيق وهو يضع النقود في جيبه. "كيف عرفت أنني هنا؟""أنت دائماً تختبئ هنا عندما تسرق شيئاً." قالت بنبرة توبيخ. "هل سرقت من السيد وانغ مرة أخرى؟"قفز لين من الشجرة بخفة ووقف أمامها مباشرة. "وماذا إن فعلت؟ إنه رجل بخيل وغني. لن يفتقد بضع قطع فضية."صفعته مي على وجهه بقوة. "أنت أحمق! هل تعتقد أنك ستفلت من العقاب إلى الأبد؟ في يوم من الأيام، سيقبضون عليك وسيقطعون يديك حقاً!"فرك لين خده المحمر وابتسم بسخرية. "أنت تهتمين كثيراً يا مي. هل أنت مغرمة بي؟"احمرت وجنتاها بشدة. "أنت... أنت مقزز! أنا فقط لا أريد أن أرى أحداً من القرية يُعاقب بسببك!""حسناً، حسناً." رفع يديه استسلاماً. "سأعيد النقود. هل هذا سيجعلك سعيدة؟"نظرت إليه بشك. "حقاً؟""بالطبع لا." ضحك بصوت عالٍ. "لقد تعبت في الحصول عليها. لماذا أعيدها؟"تنهدت مي بيأس. "أنت ميؤوس منك يا لين. في يوم من الأيام، ستندم على أفعالك هذه.""ربما." هز كتفيه بلا مبالاة. "لكن ليس اليوم."فجأة، سمعا صوت صراخ قادم من اتجاه القرية. نظر لين ومي إلى بعضهما البعض بقلق."ما هذا؟" سألت مي."لا أعرف." أجاب لين، وقد بدأ يشعر بالقلق. "هيا بنا نذهب لنرى."ركضا معاً نحو القرية، وكلما اقتربا، ازداد الصراخ وضوحاً. عندما وصلا إلى حافة القرية، توقفا مصدومين.كانت القرية تحترق.رجال يرتدون دروعاً سوداء ويحملون سيوفاً طويلة كانوا يركضون في الشوارع، يقتلون كل من يقف في طريقهم. النساء والأطفال كانوا يصرخون ويركضون في كل اتجاه، محاولين الهرب من المذبحة."أبي!" صرخت مي بذعر، وكادت تركض نحو القرية لولا أن لين أمسك بذراعها بقوة."لا!" صرخ بها. "ستُقتلين إذا ذهبت إلى هناك!""لكن أبي! وأمي! يجب أن أجدهما!" كانت تحاول التملص من قبضته، والدموع تنهمر من عينيها."مي، استمعي إلي!" هزها بقوة ليجعلها تركز. "لا يمكننا مساعدتهم الآن. يجب أن نختبئ حتى يرحل هؤلاء الرجال.""من هم؟ لماذا يفعلون هذا؟" سألت بصوت مرتعش."لا أعرف." أجاب لين بصدق. "لكن يجب أن نختبئ الآن. هيا!"سحبها نحو الغابة، لكن قبل أن يتمكنا من الوصول إليها، سمعا صوت حوافر خيول تقترب. التفتا ليجدا ثلاثة فرسان يرتدون الدروع السوداء يتجهون نحوهما."هناك اثنان آخران!" صرخ أحدهم. "اقتلوهما!"شعر لين بالخوف يتسلل إلى قلبه، لكنه لم يسمح له بالسيطرة عليه. نظر حوله بسرعة، يبحث عن أي شيء يمكن استخدامه كسلاح. التقط حجراً كبيراً من الأرض وأمسكه بقوة."مي، عندما أقول لك اركضي، اركضي إلى الغابة ولا تنظري خلفك. هل فهمت؟""ماذا عنك؟" سألته بخوف."سألحق بك." كذب عليها. كان يعرف أنه لا يستطيع هزيمة ثلاثة فرسان مدربين بحجر، لكنه يمكنه تأخيرهم بما يكفي لتهرب مي.اقترب الفرسان أكثر، وكانت سيوفهم مغطاة بالدماء. عندما أصبحوا على بعد عدة أمتار فقط، صرخ لين: "اركضي!"دفع مي بقوة نحو الغابة وألقى الحجر بكل قوته نحو أقرب فارس، مصيباً وجهه مباشرة. صرخ الفارس من الألم وسقط من على حصانه."أنت ستموت أولاً أيها الصبي ذو الشعر الأبيض!" صرخ فارس آخر وهو يهوي بسيفه نحو لين.تفادى لين الضربة بصعوبة وركض في الاتجاه المعاكس للغابة، محاولاً جذب الفرسان بعيداً عن مي. نجحت خطته، إذ تبعه الفرسان الثلاثة، تاركين مي تهرب إلى الغابة.ركض لين بأقصى سرعته، لكنه كان يعرف أنه لا يستطيع التغلب على سرعة الخيول. بعد لحظات، شعر بألم حاد في ظهره عندما أصابه سيف أحد الفرسان. سقط على الأرض، والدم ينزف من جرحه."هذا هو نهاية مطافك أيها الصبي." قال الفارس وهو ينزل من على حصانه ويقترب من لين، رافعاً سيفه للضربة الأخيرة.أغمض لين عينيه، منتظراً الموت. لكن الضربة لم تأت أبداً.بدلاً من ذلك، سمع صوت صراخ الفارس، ثم صوت سقوط جسم ثقيل على الأرض. فتح عينيه ليرى الفارس ملقى على الأرض، وسهم يخترق عنقه."ما الذي...؟" تساءل لين بضعف."ابق هادئاً أيها الصبي." جاءه صوت رجل من خلفه. "لقد أصبحت في أمان الآن."حاول لين الالتفات لرؤية منقذه، لكن الألم كان شديداً. بدأت رؤيته تتلاشى، والظلام يغزو وعيه.آخر ما رآه قبل أن يفقد وعيه كان وجه رجل عجوز ذو لحية بيضاء طويلة ينظر إليه بفضول. وآخر ما سمعه كان صوت الرجل العجوز يقول:"شعر أبيض... عينان حادتان... هل يمكن أن يكون هو الشخص الذي تنبأت به النبوءة؟"ثم غرق لين في ظلام عميق.

c14c6090f9d47d7dشمس الروايات44e4ddae8b94b8be1c44ceb13f5b7bdf

1c004124108a805bشمس الروايات77e364f807db934997f7c6b704b15bd1