رواية العالم المميت المظلم Chapter 0

ظلامٌ حالكٌ.. أنفاسٌ باردةْ.. جروحٌ مؤلمةٌ.. أفكارٌ مشتتةْ.. عيون زرقاء أُطلق منها ضوء الأمل الخافت منعكسًا على خيوط القدر..

'ما هذا؟!'

كشبكة العنكبوت متصلةً متفرعةْ، هكذا هي حيوات الناس وعوالمهم، تبدو معقدة.. ولكنها أبسط مما نتخيل.. يسعى البعض نحو أقدارهم دون أن يدركوا.. أن أقدارهم هي التي تسعى خلفهم..

سماءٌ سوداءٌ وغيومٌ متجمعةْ.. دوى صوتُ قعقعة الرعدِ يسلب المَسْمع.. وبرقٌ عنيفٌ يخطف الأبصار.. ووسط كل هذا.. قطرة من الماء نجت من هذه المعارك، شقت طريقها نحو الأسفل لينتهي بها الحال مع آلاف القطرات التي نجت.. لتهبط في بركة عكست ضوء البرق المنعكس على هذا المبنى..

...

اندفعت الممرضات مسرعات في نقل هذا السرير المتحرك نحو غرفة العمليات، كان المكان يمتلئ بالنحيب والصراخ..

في غرفة مظلمة.. كان هناك طفلٌ يرقد على سرير بارد.. ربما لم يتجاوز عمر الخامسة.. تسلل ضوءٌ خافت من باب الغرفة الذي كان مواربًا.. ينعكس على عينيه الزرقاوتين.. كان يسمع بعض الأصوات..

صوت التلفاز في الخارج..

صوت النحيب والصراخ..

وصوت الألم واليأس..!

"حادثة مأساوية!"

هكذا وصفت وسائل الإعلام ما كان يحدث هنا..!

'أين أنا؟!'

كانت عيناه تتحركان في كل الاتجاهات.. لم يكن لديه القوة الكافية للنهوض.. كان باستطاعته أن يرى الشخصين الواقفين عند الباب.. وكان باستطاعته أن يسمع بعض الكلمات من محادثتهما.. كانا امرأتين مبهمتي الملامح..

"آسفة.. لقد فعلنا ما بوسعنا لكن.."

"لقد مات الصبي..!"

انهارت إحدى المرأتين واقعة على الأرض البيضاء الرمادية، كانت الإضاءة خافتة وباهتة، ولكن كان لا يزال بإمكانها الإنعكاس على دموع تلك المرأة اليائسة..!

كانت تخالج الصبي مشاعر متفرقة.. كان شارداً فاقداً لجزء من الذكريات.. ولكن سرعان ما عاد هذا الجزء بعد هذا المشهد.. مثل قطع البازل التي تم تجميعها معاً.. كانت هناك فكرة واضحة قد ظهرت في رأس هذا الفتى المستلقي على السرير البارد..!

'أمي؟!'

كلمة أراد أن ينطق بها لكنها أبت أن تخرج..!

ميت؟!

هل حقا كان ميتًا؟!

كان المكان داخل الغرفة مظلماً وبارداً.. وكان مثل بيئة مناسبة لشخص ميت..!

سرعان ما أسرعت المرأة الأخرى تساعدها على النهوض.. كانت تمسك ذراعها بشدة بينما تهمس في أذنيها..

"لم يكن لصبي لم يتجاوز الخامسة أن ينجو من حادث كهذا..!"

...

حادث؟! أي حادث؟! وعن ماذا تتحدثون؟! هل أنا ميت؟! لا.. أنا حي!

أردت أن أقوم بالصراخ بأعلى صوتي.. لكن أبى الكلام عن الخروج، أردت أن أخبر أمي أن تنهض لرؤيتي، أن تعود معي للمنزل لنلعب مثل كل يوم، أمي؟! أنا لا أتذكر ملامحها.. ما هذا؟! شيء ما يوضع على جسمي.. هل هو فراش من نوع ما؟! دقات قلبي بدأت في التزايد.. شعرت لأول مرة برعشة أسفل عامودي الفقري، هل هذا هو الخوف؟! أتعرق بغزارة.. انحجبت رؤيتي تماماً..!

ظلام دامس يعم الأرجاء.. هل انعدمت الأصوات؟! لم أعد أسمع أو أرى شيئاً.. هل أنا حقاً ميت؟!

كان المكان بارداً.. مظلماً..

ولكن..

في ظلام اليأس ظهر ضوء.. وفي سكون الظلام انطلق صوت..

"اسمك هو أليكس ترومان، إرادتك.. سوف تغير العالم!"