رواية ري زيرو: بدء الحياة في عالم أخر من الصفر 26

الفصل 5

صباح العام

“- !!”

لم يكن سوبارو على علم باللحظة التي عاد فيها إلى وعيه، فقد ظل صوت المطر الغزير يرن في أذنيه وتذبذبت رؤيته بين اللونين الأحمر والأبيض، كان العالم مائلًا مشوهًا في نظره.

غير قادر على الشعور بذراعيه أو ساقيه.. أطلق صرخة غليظة ومتألمة كما لو كان هنالك شخص ما يفرك أمعائه كما يفرك الغسيل بالماء.

تلوى بجسده وقفز، ولكن كل جزء من جسده كان يجهل ما يحدث له.

– لم يكن يعرف ما الذي كان يحدث.

لقد اختفت الآلام الحارقة التي كانت في ساقه المقطوعة والندوب الناتجة عن السلسلة.

لقد فقد دمه، لقد فقد حياته، لقد مات.

لم يكن يريد الموت، فقد كان يكره الألم، والمعاناة ، والحزن ، والخوف الناتج عن ذلك؟

أراد بحق إبعاد كل شيء، كل ما يمكن أن يراه ، أو يلمسه ، أو حتى يشعر به.

“-!”

فجأة، سمع شيئًا، سمع صوت شخص ما، صوت أشبه بصوت شخص يحاول يائسًا تهدئة وحش بري.

لم يفهم المعنى، ولن يفهم ولن حتى يسعى لفهم المعنى، فقد كان الاستماع غير مجدٍ، كان الاستماع ليؤذيه فحسب ولن يغير شيئًا!

مع أنه رفض كل ذلك، عادت الألوان إلى العالم رغمًا عنه بالإضافة إلى صوره وأصواته.

أخبرته حواس جسده الأشعث بالكامل أن الدم كان يتحرك إلى كل أطرافه.

اصطدمت يده المضطربة بشيء ما فكسرت أظافره ومزق ظاهر يده مما جعله ينزف. اندفع الألم الحاد إلى دماغه مما قلل إلى حد ما من قوة صراخه.

ثم أدرك ما كان يحدث، فقد رفع شخص ما ذراعيه المتألمتين ولفهما.

شعر بشيء مماثل في ساقيه، فقد كان هناك شيء يغطيها ما جعله غير قادر على تحريك أي من رجليه.

فوقه مباشرة ، عدت رؤيته ليجد السقف الأبيض المألوف الذي رآه عدة مرات الآن.

أدرك أنه كان مستلقيًا على السرير الناعم.

أخيرًا تنفس مستنزفًا القوة من جسده المتيبس ، عندها …

“ضيفنا العزيز، ضيفنا العزيز.. هل هدأت أخيرًا؟ “

“ضيفنا العزيز، ضيفنا العزيز .. هل توقف اضرابك أخيرًا؟ “

في اللحظة التي سمعت فيها أذناه الصوتين المألوفين ، تذكر سوبارو الصراخ.

بدأ اليوم الأول الرابع لسوبارو في قصر روزوال بأسوء طريقة ممكنة.

فقد شعر سوبارو بالخزي من موته ست مرات منذ وصوله إلى هذا العالم.

وبالطبع لم تكن ميتات مسالمة، فكل حالة وفاة جاءت مع إحساسه خسارة متناسب معها.

ومع ذلك لم يعتد بعد على الألم والمعاناة، على الرغم من أنه كان يتمالك نفسه في كل مرة ، إلا أن أحدًا لم يستطع فهم الوحدة ، والخراب ، والألم الذي شعر به.

لقد قرر أنه بغض النظر عن الوضع الذي قد يجد نفسه فيه فإن قلبه على الأقل لن يستسلم، لكن هذا التصميم قد تحطم بسبب آخر تجربة له مع “العودة بالموت”.

إن إحساسه بالخسارة واليأس والوحدة اقتلع قلب سوبارو بسبب الروابط التي شكلها مع الآخرين على مدار الأيام السابقة.

كان من المستحيل أن يتعافى مما أصابه، فلم تكن لديه القوة لاستعادة نفسه القديمة.

ابتسمت له إيميليا الجالسة على السرير بجانب سوبارو وهي تربت على يده اليمنى المصابة.

“- حسنًا ، انتهى كل شيء، أظن أنك أفقت بالكامل الآن، لكن لا يجب أن تتحرك بهذه الطريقة ، حسنًا؟ “

– في تلك اللحظة ، كان سوبارو وإيميليا الشخصان الوحيدان في الغرفة.

تراجعت الخادمتان اللتان كانتا حاضرتين عندما استيقظ سوبارو في مواجهة سلوكه المشين بعد الاستيقاظ مباشرة تاركين الأمور لإيميليا.

“رام وريم كانتا قلقتان عليك للغاية”

تقلبت ملامح وجه سوبارو عندما ذكر عنده اسمين لم يرغب في سماعهما.

ردت الفعل تلك أظهرت بعض التفاجؤ على وجه إيميليا، لكنها تجاهلت الأمر بهزة صغيرة برأسها على الفور.

“إنهما محبطتان على غير العادة، وتظنان أنهما قد تكونان أساءتا لك بطريقة، ما رأيك أن تقول لهما شيئًا في المرة القادمة التي تراهما فيها؟ “

“مستاءتان، هاه؟ كلا ، لم تفعلا أي شيء … لا يوجد شيء بيني وبنهما أصلًا”.

تجهمت حواجب إيميليا الأنثوية بهدوء من القسوة في صوته، كان رد سوبارو جيدًا، ولكنه لم يحتوي على ذرة اعتذار أو ما شابه، عوضًا عن ذلك طرح سؤالًا دون أن يكون فيه أدنى تلميح من السخرية.

“أوي ، إيميليا ، هل … تظنين أني مصدر إزعاج؟”

رفعت إيميليا إصبعها وبدا أنها تتحدث بسرعة لإبقاء سوبارو تحت السيطرة.

“كيف أعتبرك مصدر إزعاج؟ لقد أنقذت حياتي يا سوبارو، ما الذي يفترض بك فعله إذا قام شخص ما عليك دين له بالاستيقاظ والمغادرة؟ كنتُ لأكون في موقف لا أحسد عليه حقًا”.

استمع سوبارو إليها في صمت، مدركًا فيما بعد أنه كان يحدق باهتمام في كل تفاصيل وجه إيميليا وأفعالها.

“هوااه، لقد كنت حقًا …”

لقد شعر بالإحباط لأنه هو الذي أعطى إيميليا مثل هذه النظرة التي تدل على عدم الثقة.

لقد آلم ذلك إيميليا بشكل غير متوقع، أليس كذلك؟

كان التوقف عن التفكير في المستفيد الخاص بك باعتباره المتبرع هو أدنى شيء يمكنك القيام به.

كانت إيميليا هي الواحة الوحيدة التي وجدها سوبارو في مثل هذا العالم الغامض. بعد أن فقد سوبارو كل شيء كان يعلق آماله به، لم يكن لديه مكان آخر يلجأ إليه.

“-“

خطرت في باله فكرة صغيرة، ربما كان عليه أن يكشف لإيميليا حقيقة العودة بالموت؟

“هذا صحيح…”

بعد أن فكر سوبارو في الأمر مليًا، أدرك أنه حاول تغيير واقعه المسدود بمفرده حتى هذه اللحظة، ولم يجد سوى مصير لا مفر منه .. وهو البقاء عالقًا بين الحاضر والماضي.

يتطلب اختراق هذا الجمود تغييرًا جوهريًا.

ربما كان الحل هو تكوين رابطة ثقة مع طرف ثالث، شخص يمكنه الاعتماد عليه؟

“- إيميليا ، هناك شيء أريد أن أخبرك به.”

بدت الغيوم وكأنها تنفصل حيث انفصلت داخله مشاعر التردد وعدم الارتياح.

عند سماع نبرة صوت سوبارو تنخفض هكذا جلست إيميليا على كرسي ونظرت إلى سوبارو بوجه متوتر بقلق.

بمشاهدة انعكاس نفسه في عينيها البنفسجتين، فكر سوبارو عندها في الكيفية التي يجب أن يبدأ بهذا.

كيف له أن يبدأ بالتحدث عن العودة بالموت؟ ربما على سوبارو أن يعلم أولاً ما إذا كان شيء مماثل قد حدث لأشخاص آخرين في ذلك العالم أيضًا؟

لقد كانت قصة مضحكة حقًا، وكان من المحتمل أن تعتقد أنها كانت مزحة ثقيلة.

لكن إيميليا ستستمع إلى سوبارو وهو يتحدث، أليس كذلك؟ علق سوبارو آماله على ما سيحدث بعد ذلك

– لقد تحدث معها عن العودة بالموت، وأنه يأمل أن تقرضه قوتها.

فتح سوبارو فمه رغم أنه مدرك جيدًا لموقفه وأنها ممتنة له.

سيغيرون هذا الوضع المربك، وسيقاتلون ضد القدر وينتصرون … معًا.

– أو هكذا اعتقد.

“إيميليا. أنا م – “

بدأ اعترافه، وفي اللحظة التي ظن أنه سيقولها.

“ــــ”

شعر قلب سوبارو بعدم الارتياح، وأن هنالك خطب ما.

تساءل ما الخطب، ولكنه علم السبب فورًا، الأصوات.. لقد اختفت كلها، لم يعد هنالك أية أصوات في المكان.

نبضات قلبه، وأنفاس إيميليا، وأصوات الصباح التي تتسلل من خلال النافذة، كلها اختفت من هذا العالم.

وكان هذا مجرد مقدمة لما سيأتي.

– بعد ذلك حدث للصورة ما حدث للصوت، واختفت من العالم أيضًا، مر الوقت ببطء كما لو أن اللحظة ستستمر للأبد فالثانية التالية لم تأتِ أبدًا.

بقي تعبير إيميليا الجاد جامدًا أمام عينيه بلا حراك. كانت أشبه بتمثال جليدي الذي لن يقوم بحركته التالية أبدًا.

حتى سوبارو بقي كما هو، لم يستطع تحريك حتى فمه وعيناه.

اختفى الصوت، وتوقف الوقت، ولم يستطع سوبارو حتى مد يده طلبًا للرحمة.

لسبب ما، استمر عقل سوبارو فقط بالعمل خلال تلك الظاهرة التي تفوق فهمه.

– وفجأة أتت ..

سحابة سوداء تغطي حدود رؤيته جعلت سوبارو غير غادر على الرمش بعينه حتى.

في عالم لا يمكن أن يتحرك فيه شيء كانت السحابة وحدها هي ما يتحرك، تلوت السحابة وغيرت شكلها حتى أصبحت أشبه بتلته يمكن حملها في راحة يديه. شيئًا فشيئًا أخذت ملامح السحابة بالتشكل حتى توقفت

– ليظهر لسوبارو شيئًا كالكف أسود.

كان الكف بخمسة أصابع وبلا ساعد، ولكن كان من المؤكد أن بإمكانه تشكيل الساعد إن أراد .

تحركت الأصابع السوداء لتسبح بانسيابية مشكلة شكل يد في الهواء فما كان من عقل سوبارو إلا وأن لهث عندما رأى إلى أين تتجه.

وصلت الأصابع السوداء ببطء إلى صدر سوبارو … وبدا أنها تغوص في أعماقه.

شعر سوبارو بشعور في روحه، شعور بأصابع تسحق أعضائه الداخلية ، وتضرب قفصه الصدري …

سيطر الانزعاج وعدم الارتياح على سوبارو، ولكن السحابة السوداء لم تتوقف عن الحركة.

كان الأمر كما لو أن السحابة لم تعثر على ما كانت تبحث عنه، وكان عليها البحث أعمق وأعمق داخل سوبارو.

– مهلا ، توقف عندك

أبى الصوت أن يخرج من جسده الذي لم يستطع المقاومة، فأطلق عقل سوبارو صرخة مدوية.

– هذا ليس مضحكا.

اهتز سوبارو كل شيء حتى أبعد من أحشائه، حتى صميم كيانه.

هل يمكن لأي شخص أن يقول بكلمات لماذا تتألم أعضائه الداخلية؟

السؤال لا معنى له.

لا أحد يحتاج إلى التفكير في الأمر.

في تلك اللحظة ، لم يشعر سوبارو بالحاجة إلى التعبير عن شعور هذا الألم بالكلمات.

كان الأمر بسيطًا حقًا، فبعد أن ضُغط على قلبه بلا رحمة، شعر وكأن روحه نفسها قد سُحقت.

لم يستطع الصراخ ولم يستطع التلوي من الألم!

لم يكن هنالك سوى المعاناة، وبالإضافة إليها جاء شيء جعل سوبارو يتمنى أن يتمكن من الصراخ.

كان الألم يمزق الشخص المدعو “سوبارو”، كان عقله متوترًا ، ملتويًا ، وفي حالة انهيار. تم تقطيع سوبارو إلى أجزاء غير قادر على تحكيم عقله حتى.

“—بارو ،”

“-؟”

“سوبارو ، ما الخطب؟ لا تصمت هكذا فجأة، أنت تقلقني.”

كانت يداها على فخذيه بينما كانت الجميلة ذات الشعر الفضي تحدق في عيني سوبارو بقلق.

بدا أن سوبارو توقف عن حبس أنفاسه عندما كان متأكدًا من أن أصابعه تتحرك كما يريد، لمس صدره بحذر شديد ، متأكدًا من الخارج أن قلبه ينبض بهدوء.

حرك جسده ثم أخرج صوته ولم يشعر بأي ألم في قلبه.

– لكن بقي الخوف.

هوى سوبارو في حالة من اليأس إذ أن أمله الوحيد تمزق إلى أشلاء.

مجرد التفكير في تحديه للمرة الثانية جعله يرى السحابة السوداء المتمايلة في ذهنه.

لم يكن أمام سوبارو خيار سوى مواجهة الحقائق.

غير قادرة على كبح مشاعرها، وضعت إيميليا راحة يدها على وجه سوبارو ، في حيرة عندما طرحت سؤالا متردد.

“- ماذا بك؟ كنت تتصرف بغرابة للتو، إن كان هنالك شيء ما … “

“-اريد ان اطلب منكِ خدمة.”

قطع صوت سوبارو كلام إيميليا القلق بينما رمى نفسه مستلقيًا وأشاح بوجهه عنها،

لم يستطع مواجهتها قد تكون ملامحه مروعة.

إن نظر إلى إيميليا في حالته العاطفية الحالية ، فلم يكن هناك ما يمكن أن يقوله لها.

من خلال العمل بكامل طاقته للحفاظ على ثبات عقله ، تمكن سوبارو من قول شيء واحد فقط.

تخلص من الكلمات التي كان يريد أن يقولها، كما تخلص من المشاعر التي أرادها أن تسمعها.

بل رمى كل شيء بعيدا.

“لا علاقة لي بأي شيء.”

بلا هوادة كان هذا كل ما قاله وهو يتقلب على السرير، لم ينظر حتى إلى ردة فعل إيميليا المصدومة.

دون وعي أدركت سوبارو حقيقة واحدة في اللحظة التي لمس كفه صدره.

– لن يُسمح له بالتحرر، كان سوبارو وحيدًا وسيبقى وحيدًا.

بعد أن تخلص من إيميليا ، بدأ سوبارو بشكل كئيب حلقته الرابعة.

ذهب روزوال إلى غرفة سوبارو بعد أن علم أنه آذى إيميليا ببيانه القاسي.

لم يتذكر سوبارو ما تحدثوا عنه، لكنه شعر وكأنه قد تم تقييمه وكأنه مزهرية باهظة الثمن، لم يكن يعرف ما إذا كان هذا فقط هذه المرة أو ما إذا كان قد حدث من قبل ولم يلاحظ ذلك.

“سأعاملك كضيف للفترة التي تريدها” شعر سوبارو أن روزوال قال شيئًا مريحًا أشبه بهذا، كما شعر أن التفاصيل لم تعد مهمة.

إذا غادر القصر، فسيتم إسكاته نهائياً. كان ذلك أمرًا مؤكدًا ولكن، حتى لو بقي في القصر فلن يتمكن من تجنب التحول إلى لحم مفروم في المستقبل القريب.

شعر أن لعبته المحفوظة كانت ذات نهاية سيئة، ولكن حقيقة أنه كان يعيش فيما هو أشبه بالحفظ التلقائي جعلته أكثر وحشية.

“___”

بقي سوبارو على قمة السرير ولم يتحرك كثيرًا، لكن أنفاسه كانت سريعة وخشنة.

استخدم سوبارو القلم المصنوع من الريش لطعن يده عدة مرات بسبب خوفه من النوم، كلما شعر أن جفناه أصبحا أثقل، كان يجبر وعيه على الاستيقاظ باستعمال الألم، لن يعلم ما سيستيقظ عليه إن نام.

لقد مات ثلاث مرات بالفعل.

في حلقة العاصمة الملكية، لم يمت أكثر من ثلاث مرات، بالنسبة إلى سوبارو الذي وصل إلى المرة الرابعة وقد يموت فيها .. فقد كان يجهل ما سيحدث له إن مات.

– إذا مات هذه المرة، فقد لا يعود أبدًا.

لم يستطع إيجاد طريقة لتجنب الموت، ومع ذلك ، لم يكن يريد أن يموت.

لم يثق في الجميع وناضل ضد الجميع في كفاحه اليائس من أجل العيش، لقد نسي مرور الوقت حتى زقزقت معدته الفارغة، وأصبح سوبارو يحرص على البقاء ببساطة .. ولا شيء آخر.

شعرت بأن ألم جرحه أشبه بتأكيد على وجوده، اختفت المسافات بين الطعنات في يده.

ألم. مرح. ألم. مرح. ألم. ألم. ألم-

فجأة، ارتفع وجهه عندما سمع فجأة صوت فتاة صغيرة.

“- لديك بالتأكيد نظرة جبانة تعلو وجهك.”

كانت تلك الفتاة تقف عند المدخل متكئة عليه، وترمق سوبارو بنظرة كما لو كانت تحدق في وحش.

بياتريس، التي لم يقابلها بعد ولو مرة واحدة خلال هذه الحلقة ، جاءت لزيارته.

تصاعدت يقظة سوبارو في ظل التغيير غير المسبوق للظروف.

“- إذا فأنتِ من أتى لي هذه المرة؟”

أدرك متأخراً أن صوته كان منخفضًا ومتخربطًا. فقد حمل صوته عداءً أكثر مما كان يتصور، لربما كان صوته يعبر عن شعوره بأنه يعيش في عالم ملعون.

“يا لك من أحمق، أن تضيع فرصة كهذه غضون يوم أو يومين.”

“لم يطلب أحد منكِ ذلك – لماذا أتيت؟”

بعد أن سخرت من مشهد سوبارو المشين وتلقت رده الكئيب بدورها، ضاقت عينا بياتريس قليلاً.

“… طلب مني باك وتلك الفتاة الصغيرة أن أقوم بزيارتك.”

“باك و … إيميليا؟”

“كنت تتصرف بغرابة منذ أن استيقظت ، على حسب قولهم، لذا اشتبهوا في أنني قد فعلت شيئًا لك عندما استيقظت لأول مرة. كان تصرفهم وقح إلى حد ما إذا جاز لي القول “.

ما قالته صحيح فقد كانت بياتريس بريئة ، لكن هذه الأشياء لم تنفع مع سوبارو.

من المؤكد أن كلمات سوبارو القاسية قد آذت إيميليا، رغم ذلك بقيت قلقة عليه لدرجة أنها تحدثت مباشرة إلى بياتريس بالرغم من أن شكوكها قد لا تكون في محلها؟

نتيجة لذلك ، كانت أظهرت بياتريس نفسها في غرفة سوبارو على مضض بعد أن طلبوا منها المساعدة، واستخدموا باك لأنهم يعلمون أنه نقطة ضعفها.

جلب اهتمام إيميليا القليل من الدفء إلى قلب سوبارو.

حتى لو كان لا معنى له فيما يتعلق بكسر الجمود …

“فهمت، أنا بخير الآن، لقد أتيتِ للاعتذار وهذا يكفي”

التوت شفتا بياتريس بينما حاول سوبارو إبعادها.

“ولمَ قد أعتذر لك ، على ما أفترض؟ وفوق كل شيء، لن أغادر حتى يتم إزالة سوء الفهم هذا “.

وبدلاً من مغادرة الغرفة، توجهت نحو السرير، كان سوبارو على وشك أن يزيد من التشكي عندما …

“- همم؟”

راقبها سوبارو وهي تحرك أنفها وتميل رأسها. لو بقيت صامتة لبدت ساحرة الجمال ، لكن …

بدت بياتريس مستاءة من التحديق في وجهها وغطت وجهها بكفيها بينما مازالت تحدق في سوبارو.

“وجهك ليس باهتًا فحسب، بل قذر أيضًا .. أو بالأحرى جسدك كله كذلك”.

“-هاه؟”

“أظنني أتحدث عن الرائحة التي تدغدغ أنفي؟ سيكون من الحكمة تجنب مقابلة التوأم لبعض الوقت”.

ضغطت بياتريس على أنفها ولوحت بيدها الحرة كما لو كانت تبعد رائحته كريهة.

“-“

لكن عقل سوبارو لم يستطع تجاهل كلمة رائحة

رائحة. من المؤكد أن شخصًا ما قد استخدم هذه الكلمة في نهاية الحمام الثالث –

“رائحة تصدر مني …؟”

“- رائحة الساحرة، قد يكون أنفك مكسور؟ “

لقد تذكر تلك الكلمة، لقد هذه المفردة سابقًا. مما يعمي يعني –

“أتعنين ساحرة الغيرة؟”

“في يومنا و عصرنا هذا ، لا يوجد أي شخص يطلق عليه (ساحرة) عداها على ما أظن”

كان كلامها فيه تقليل كبير من شأنه، ولكن لم يكن منه إلا أن أثار المزيد من التساؤلات لدى سوبارو.

“ولماذا تنبعث هذه الرائحة مني؟”

“من يدري؟ ربما أعجبت الساحرة بك ، أو ربما تكره رؤيتك. في كلتا الحالتين فإن قيام الساحرة بمعاملتك معاملة خاصة سيجعلك مغناطيسًا للمشاكل”.

أراحت بياتريس كتفيها، أشار سلوكها الكئيب إلى أن أي حديث إضافي عن ذلك الموضوع غير مرحب به.

ساحرة – كائن منبوذ في جميع أنحاء العالم لدرجة أن الحكاية الخيالية “ساحرة الغيرة” لن تذكر اسمها حتى.

لكن لم يكن لسوبارو أي صلة بالساحرة أو القصة، لقد قرأ عنها في كتاب فقط.

بدون وجود أي ذكرى لمقابلته الساحرة لذا لم يعلم بطبيعة الحال يكف له أن يكون قد حمل رائحتها دون لمسها.

– لقد ذكرت ريم سابقًا أن رائحة الساحرة الكريهة تنبعث منه، أليس كذلك؟

لقد شعر أن ذلك العداء الصادر منها كان مرتبطًا جزئيًا برائحة الساحرة. إذا كان الأمر كذلك، فقد أكسبها كراهيتها عن طريق شيء لا يذكره، مع تراكم الافتراءات، شعرت أنه ليس لديها خيار سوى إسكاته.

بعد أن أدرك سوبارو أن هذا الشيء كان خارج سيطرته تنهد مطولاً

بقي سوبارو صامتًا فنظرت بياتريس إليه عندما وصلت إلى مقبض الباب.

“إذا لم تكن تعاني من شيء سأغادر، عليّ إخبار باك أننا أجرينا محادثة وحللنا الأمر على ما أعتقد”

بدت مستعدة للاختفاء في الممر عندما صرخ لإيقافها.

“انتظري لحظة.”

بدت بياتريس مستاءة بشكل واضح وهي تنظر إليه، تابع سوبارو حديثه باستياء،

“تشعرين بالسوء حيال ما فعلته بي ، أليس كذلك؟”

لم يكن يعرف ما إذا كان ذلك يعني أي شيء أم لا – لكنه اعتقد أن الأمر يستحق المحاولة.

رمقت بياتريس سوبارو نظرة حزينة حيث استلقى سوبارو على السرير وسألها مرة أخرى.

“هل تشعرين بالسوء حيال ذلك؟ نعم ام لا؟”

“لا أظن ذاك”

“سأخبر باك بذلك”

أعادت بياتريس وضع نفسها لتواجه سوبارو ، عقدت ذراعيها ورفعت أنفها في الهواء بتغطرس.

“آه … أشعر بتأنيب بسيييييييط”.

“سأسامحكِ إن قدمتِ لي معروفًا صغيرًا.”

“… أستخبرني به، على ما أفترض؟”

“أيمكنكِ حمايتي حتى شروق شمس اليوم الخامس – أي صباح بعد غد؟”

لقد كان طلبًا وقحًا يطلبه من فتاة تبدو أصغر منه.

ظلت بياتريس صامتة لبعض الوقت في مواجهة طلب سوبارو الصادق.

“يا له من غامض إلى حد ما، هل هنالك شخص يسعى خلفك يا ترى؟”

كان السؤال الذي وجهته بياتريس متوقعًا، بقيت بياتريس تحدق في سوبارو ببصرها وهي تتجول في الغرفة.

“أولًا، لا أريد إثارة الفتنة في هذا القصر، فبالنسبة لي هذا القصر هو مكان يجب ألا أفقده على ما أظن”.

“… لا أريد أن التسبب في أي مشكلة، أريد فقط إطفاء أي شرار يتطاير”.

“مثل هذا العذر لا يأتي إلى من شخص يريد رمي مشكلة على أحد آخر؟”

“فقط هذه المرة، لا خيار آخر أمامي.”

تنهدت بياتريس بينما انحنى سوبارو أمامها.

كان سوبارو لا يزال منحنيًا حتى اعتقد سمع صوتًا يشبه إغلاق الباب.

تم رفض طلب سوبارو وعادت بياتريس إلى أرشيفها.

في اللحظة التي سمع فيها ذلك الصوت ، انقطع أمل سوبارو الضعيف.

“أيمكنك مد يدك ، على ما أفترض؟”

في اللحظة التي امتلأ قلب سوبارو باليأس، أدرك أن بياتريس كانت إلى جانب السرير وقد مدت يدها الصغيرة.

اندفع سوبارو بصدمة تامة ليمسك بيدها بالكامل مما تسبب بانزعاج بياتريس، عبست بياتريس وهي تنظر إلى ظهر يده المتضررة.

“مقزز، هل أنت منحرف يائس يسعد بإيذاء نفسه؟ “

“لقد أقفل روزوال سوق الانحراف، كنت فقط أحاول صنع وشم لنفسي وأفسدت الأمر”.

“إن إحساسك الفني ومهاراتك وموهبتك في الكذب ضعيفة … لن تنقذك كذباتك هذه من أي شيء”

زفرت بياتريس ثم وضعت راحة يدها الصغيرة فوق يد سوبارو كما لو كانت تحاول تغطية جروحه، ثم دعته أصابعها الناعمة حتى تشابكت أيديهما.

“- سألبي رغبتك، تم تشكيل الميثاق باسم بياتريس “.

بيان بياتريس الرسمي ترك سوبارو يحتار في اختيار كلماته. فجأة ، بدت الفتاة أمام عينيه مختلفة تمامًا عن ذي قبل.

وبينما كانت أصابعها تمسك بأصابعه، فإن الدفء الذي نقلته إليه جعل عقله يرى هالة الغموض التي تحيط بها.

“سواءً أكان مؤقتًا أم لا، الاتفاق هو ميثاق – ربما تأثرت بطلبك غير المنطقي.”

حررت بياتريس أصابعها وعقدت ذراعيها مرة أخرى. انحنى سوبارو أمامها ، وقمع طاقة العاطفة التي أصابته.

لم يستطع وصف شعوره بالكلمات، لكنها تدفقت من بئر لا قاع لها في أعماق قلبه.

لم يكن يعرف كيف يتعامل مع تلقيه الخلاص من أقل المصادر المتوقعة.

“بجدية … ستجعلني فتاة صغيرة أبكي …”

“ألا يمكنك التوقف عن قول فتاة صغيرة ، على ما أفترض؟ وأيضًا ، لن أسامحك أبدًا إذا قلت كلمة واحدة لـباك عن هذا الأمر “.

“إذا هذا هو الجزء المهم لديكِ؟! يأسكِ هذا يجعلكِ أشبه بالممسوسين لعلمك “.

ابتسم سوبارو ابتسامة مريرة ردًا على نظرة بياتريس العدائية.

بدأت حلقته الرابعة باليأس. لم تكن في هذه الحلقة سوى ابتسامة صغيرة، ولكنها كانت موجودة على الأقل.

بفضل تشكيل ميثاق مؤقت مع بياتريس شعر سوبارو ببعض الأمان البسيط ولكن الملموس. ومع ذلك فإن الظروف الملحة التي يعيشها لم تتحسن بشكل أساسي على الإطلاق.

كما كان معتادًا، واصل سوبارو حياته كناسك في الغرفة التي حصل عليها، لم تكن بياتريس بالقرب منه لتحميه أربع وعشرون ساعة في اليوم.

كانت المشكلة هي ليلة اليوم الرابع يصبح الخامس، لتقليل الجهد اللازم لحمايته خلال ذلك الوقت، كان يخطط لمغادرة الغرفة وعدم إظهار وجهه حتى الساعة المحددة.

في المقابل ، كانت إيميليا هي من يزور سوبارو مرارًا وتكرارًا ، وتومئ برأسها حاليًا أثناء جلوسها على جانب السرير بابتسامة ساحرة على وجهها.

“فهمت ، لذلك جاءت بياتريس لتعتذر، أنا سعيدة فقد أحسنت عملًا”

أن تقترب منه إيميليا هكذا بعد أن عاملها بأسلوب سيء جعله يشعر بتأنيب الضمير، لم تكن مبالغة القول أنه فكر فيها كآلهة .. كنوره الوحيد في عالمه المظلم.

عندما زارته إيميليا مرة أخرى وحاول الاعتذار عن وقاحته التي بدرت منه، وجد أنها قد تجاهلت كلماته المروعة التي قالها.

“لقد كنت مرتبكًا آنذاك، أليس كذلك؟ هذا يحدث لأي شخص، ما باليد حيلة، عمومًا سيكون من دواع سرور رام وريم الاستماع إليك متى ما أردت”.

لم يقدم سوبارو إجابة مناسبة على طلب إيميليا اللطيف الذي توصلت له في النهاية.

كان ولائهما لها عظيماً لدرجة أنهم يقتلون أي شخص فقط لمعرفته بحقيقة مزعجة عنه من شأنها أن تتسبب في أذية إيميليا. لقد اختبر سوبارو ذلك بشكل مباشر، لكنه لم يستطع أن يكرههما مع ذلك.

أغمض عينيه وفكر مرة أخرى في أيامه التي قضاها في القصر. آنذاك، ألم تكن هناك لحظات اقتربت فيها سوبارو والاختان من بعضهما البعض؟

– ربما أراد تصديق الأمر على هذا النحو.

نظرت إيميليا إلى الطبق المهمل على جانب السرير والوجبة التي لم يمسها سوبارو تبرد ببطء، لذا جلست وأخذت تتحدث بنبرة كئيبة:

“إذا أنت حقا لم تتناول وجبة الإفطار ، أليس كذلك؟”

“…آسف.”

بعد اقتراب إيميليا منه أصبح سوبارو أكثر هدوءً وانسحابًا. وبالرغم من ترفات سوبارو إلا أن رام وريم دأبا على أداء واجباتهم ك خادمتان على أكمل وجه.

حتى عندما علما أنه لن يلمس الطعام ولن يشكرهم عليه

هو – هي.

كانت أحدهما وقحة، بينما كانت الأخرى مهذبة سطحيًا، ولكن كلاهما كانا رسميتان ويؤديان أعمالهما على أتم وجه.

كان سوبارو يعلم ذلك حق المعرفة، ولكنه وبالرغم من معرفته لم يستطع قبول الطعام.

– فبالرغم من كل ما يعرفه ، قد يكون الطعام مسموماً.

كانت هذه هي الفكرة التي راودت عقله عندما نظر إليه.

كان يكره نفسه لأنه يشك فيهما، ومع ذلك كان يعرف أن هناك مستقبلًا حيث الأختان تلوحان بأسلحة مروعة لقتله.

كان يعلم أن لديهما فضائل كثيرة لكنهما في الآن ذاته سيحاولان قتله على أي حال.

عندما قبل سوبارو هذه الحقيقة بدأ يأسه يسيطر عليه.

“قد يكون الأمر صعبًا لكن صحتك ستسوء إن لم تتناول القليل على الأقل ستسوء صحتك.”

“لن تتحمل معدتي الطعام … حسنًا ، ربما سأتمكن من الأكل إذا قالت لي إيميليا تان (قل آآآآه)، لكن … “

قام سوبارو بعتاب نفسه لكونه مجرد مريض أخرق ليقول مثل عذا الكلام المتقلب بينما كانت إيميليا عندما كانت قلقة عليه للغاية.

ومع ذلك…

“حسنًا إذن. قل آآآه “.

“إيه؟”

“قلت ، قل آه”

كانت إيميليا قد وضعت صينية الطعام على حجرها ، ورفعت الملعقة ونظرت إلى سوبارو.

استخدمت الملعقة في غرف بعض الحساء الذي كان لا يزال دافئًا إلى حد ما ، ووجهته برفق نحو فم سوبارو.

هز سوبارو رأسه على الفور غير قادر على فهم ما كانت إيميليا تحاول القيام به.

“كلا كلا كلا، انتظري ، انتظري ، إيميليا-تان ، ما الذي تفعلينه؟”

“ما الذي تقصده؟ قلت أنك ستأكل إذا فعلت هذا ، أليس كذلك؟ لذا كل، قلت لك (قل آه) وفعلت كل ما طلبته”.

“هواه، هذه مثل الطقوس التي ترفض الفتيات القيام بها، في الواقع وجوههم تتحول إلى اللون الأحمر الساطع عندما يقال لهن هذا الكلام، أليس كذلك؟ “

“إذا كنت ستتحدث كطفل فلا تشعر بالحرج من أن يتم إطعامك كطفل، سيكون ذلك سخيفًا “.

بينما كان سوبارو يحاول التهرب من ذلك، قالت له إيميليا “قل آه” مرة أخرى بنظرة قوية وجذابة، لتخرج سوبارو أخيرًا تحت الضغط وشعر وكأن فتحة فمه ستصل إلى أذنيه عندما قال:

“آآآآه …”

“خذ، ابتلعها هيا، ها هي اللقمة التالية، خذ، خذ، خذ”.

“هذا سريع جدا!! ألا يمكنني إرخاء دفاعاتي؟! “

الطريقة التلقائية التي حملت بها إيميليا الحساء إلى شفتيه دون إهدار أي قطرة على الإطلاق جعلته يتساءل عما إذا كانت قد شاركت في مسابقة للتغذية السريعة أو شيء من هذا القبيل. حاول سوبارو مواكبة ملعقة تلو الأخرى قبل أن يلوح بيده لها بيده”

“و-وقت مستقطع! وقت مستقطع! أيمكننا التوقف؟ إنه يدخل إلى حلقي بطريقة خاطئة …! “

“يا إلهي، كان كل شيء يسير على ما يرام.. بالمناسبة … سوبارو؟”

“سعال ، سعال ، أنا بخير، حلقي… أشعر بشعور غريب …”

أشاح سوبارو بوجهه بعيدًا عن إيميليا متصنعًا مزيف السعال في محاولة لجعل الحدث يبدو أكثر طبيعية. لم يكن يريد أن ترى إيميليا وجهه في ذلك الوقت.

كان هناك شيء حار يندفع من أعماق أعين سوبارو، فتح عينيه لإعطاء دموعه مكانًا للجري وحاول يائسًا منعها من التدفق.

استمرت في التعاطف معه في عالم لا يرى فيه أي أمل، حتى تساءل عما إن كان يستحق حقًا مثل هذه المعاملة …

… كان ناتسكي سوبارو في حالة من اليأس على وجه التحديد لأنه كان يرفض ما كانت الأوضاع عليه.

“أوي، سوبارو.”

عندما نادته بقلق ، قام سوبارو بتطهير حلقه قليلاً واختبر صوته عندما رد عليها.

“… مم ، آه ، آه، أجل، نعم، أنا بخير الآن على ما أعتقد، انا بخير.” لقد قام بإظهار أفضل تعبير له وهو يعيد وجهه إلى إيميليا …

… ليقابل عينيها اللطيفتين للغاية حيث نظرت إليه مباشرة. “لنكمل.”

“… الطريقة التي تفعل بها هذا تجعله يبدو كما لو كان أمرًا مشوقًا …”

“-؟”

أمالت إيميليا برأسها وعلى ما يبدو لم تلاحظ الطبيعة الفاتنة والرائعة لتصريحها.

أو ربما كان هذا في رأسه منذ البداية.

وهكذا انتهى من الأكل – بنفس طريقة قل (آآآآه)- ليحمر خديه من الخجل والمشاعر المعقدة، مع انتهاء الوجبة ، صفقت إيميليا مرة واحدة بارتياح.

“جيد والآن، ماذا نقول عندما ننتهي من الأكل؟ “

“كان ذلك رائعًا.”

“هذا سلوك سيء، مرة أخرى ، وقلها بشكل صحيح “.

“شكرا لك علي الطعام.”

“على الرحب والسعة.”

في مواجهة ابتسامة إيميليا العريضة ، ربت سوبارو على بطنه والذي شعر بشكل غريب بالرضا والشبع.

لم يشعر بأي اضطراب في بطنه بسبب حشوه بعد يومين من الجوع.

“لقد قالت رام (لم يأكل جيدًا منذ فترة ، لذا يجب أن نكون لطيفين على بطنه) لذا فقد أعدت ريم هذا الطعام خصيصًا لك، إنهما لطيفتان، أليس كذلك؟ “

قالت إيميليا ذلك كما لو كانت تتفاخر نيابة عن الاختان لتطعن شكوك سوبارو بشيء أشبه بالخنجر.

لو كانت هذه هي الحقيقة لكان سعيدًا لدرجة البكاء لإظهار مثل هذا القلق. لكن سوبارو عرف جيدًا ألم الوهم ذاته مما جعله يريد البكاء، فهذا اللطف والطيبة لا يكمن وراءهما إلا العداء.

“حسنًا ، الآن بعد أن أكلت لابد أنك تشعر بالنعاس، لذا سأدعك ترتاح.”

“يمكنك دائمًا النوم هنا بجانبي؟”

“حسنًا حسنًا، يبدو أنك استعدت روحك القديمة، الآن ، لدي أشياء أحتاج إلى القيام بها أيضًا. لا تخبر أحدا أنني كنت أضيع وقتي هنا، حسنا؟ “

غمزت إيميليا له وأخرجت لسانها.

شعر سوبارو بالخجل الشديد ، وهو يتذكر ما كانت تفعله إيميليا عادة في مثل هذا الوقت.

كان لدى إيميليا مسؤولية مملكة تقع على عاتقها، لم يكن لديها ثانية واحدة لتضيعها حيث كانت تقضي كل يوم في السعي من أجل مستقبل أفضل. ما كان ينبغي لها أن تضيع ثانية واحدة من ذلك الوقت الثمين على شخص لا قيمة له مثل سوبارو.

“- إيميليا. أبقي بابكِ مغلقًا في الليل، ولا تسمحي لأي شخص بالدخول ، حسنًا؟ “

ربما قال ذلك لأن لطف إيميليا أعاد إشعال أصغر شرارة إرادة تحدي المصير.

أعادت إيميليا شعرها الفضي إلى الوراء وأمالت رأسها قليلاً عند تحذير سوبارو المفاجئ.

“هل ستقوم بالتسلل؟”

“صحيح سأقو… كلا !! مهلا! باك هو الذي تحدث وليس إيميليا ، أليس كذلك؟! “

“واو اكتشفت ذلك من المرة الأولى.”

أخرج باك رأسه من شعر إيميليا وابتسم لها ولسوبارو. قام بتحريك ذيله بينما كان سوبارو يحدق به ، ولا شك أنه كان يستمع في هذا المكان المختبئ منذ البداية.

“لم أكن أريد أن أتطفل على مثل هذا المشهد الجميل ، لكنك أصبحت جادً فجأة ، أليس كذلك؟ هذا ما لفت انتباهي “.

“… لدي شعور سيء ، حسنًا؟ اعتن بإيميليا جيدًا الآن “.

بوجود السحابة السوداء ، كان على سوبارو أن يصبح مراوغًا عند الحديث عن المستقبل. ومع ذلك ، فإن باك القادر على قراءة المشاعر قبل كلماته دون سؤال.

تشكيت إيميليا: “لعلمكما فأنا لا أحب حقًا شعور التهميش في هذه المحادثة”.

“من المعروف أن الفتيات اللطيفات أمثالك يجب أن يكن حذرات على الدوام بشأن الزيارات الليلية ، وأن تحترس من السيارات والرجال. أليس كذلك يا أبي؟ “

“هذا صحيح يا ليا، اعلمي أن أباكِ يمنعكِ من رؤية الرجال … خاصة ذوو المظهر السيئ والشعر الداكن”

“بروتوس ؟!”

ضحك باك بصوت عالٍ بينما ذكر سوبارو اسم الخائن الشهير. قامت إيميليا بقرص باك الضاحك واعادته مرة أخرى لداخل شعرها ، وهذه المرة وقفت على قدميها.

رأى سوبارو كلاهما يبتعدان، والآن بقي وحده في الغرفة يتقلب على السرير.

لقد جعلهم ينتبهون له أكثر، لكن كانت تلك هي الوسيلة الوحيدة ليشعر ببعض الراحة، فبعد كل شيء لم يكن لأي منهما علاقة بالأزمة الحالية لذا ظن أنهما سيكونان على ما يرام.

“أو، كلا …”

شعر عقل سوبارو فورًا بشيء من الراحة ، وغرق وعيه في نوم عميق.

آلام النوم التي كانت تلازمه اختفت فجأة سالبة منه إرادة الاستيقاظ.

كما أن معدته كانت ممتلئة، لذا شعر وكأن وعيه عيه كان يغرق وبات غير قادر على المقاومة.

بدا وعي سوبارو وكأنه سحابة عائمة محصورة بين الحلم والواقع.

لقد سمع في مكان ما أن الأحلام لها آثار جانبية تتمثل في تنظيم معلومات دماغ اليقظة، هذا من شأنه أن يفسر لماذا رأى سوبارو سلسلة من الذكريات الواضحة والحيوية بعد أن أخر نومه طويلة له كما لو كانت تطارد أحلامه.

تتكرر ذكريات سوبارو الحية “عن الموت” مرارًا وتكرارًا ، لتتعمق أكثر في ذهنه.

تأوه، وضرب والتفت، كان يصدر أصوات معاناة بينما كان العرق يبلل جسده بالكامل، منغمسًا في البكاء والأصوات الخافتة ، كانت روحه تتدحرج إلى أسفل ، أسفل ، أسفل ، وعندما تم قطع الخيط الأخير ، بالتأكيد لن يبقى شيء.

كان هذا هو مدى تعرضه للإرهاق ، عقليًا وجسديًا.

“-“

فجأة ، تلاشى التوتر في جسد سوبارو.

كان الأمر كما لو أن البرد والرعب الذي جعل جسده يهتز قد تنحى جانبا.

– يديه…

شخص ما كان يمسك يدي سوبارو.

لمسة شخص ما من العالم الحقيقي سحبت سوبارو من حالة فقدان الوعي إلى السرير. لقد كان إحساسًا دافئًا ، إحساسًا لطيفًا أشبه بالتعاطف.

شعر وكأنه قد نال الخلاص وأن نسيمًا لطيف كان يرفه عن عقله الممزق. قلت أنفاسه المتضاربة ونسي معاناته وعاد الى نومه الهادئ.

من فعلها؟ ماذا كان؟ أكان حقيقية أم مجرد خدعة مريحة في الحلم؟

استمر في الشعور بالدفء بين راحتي يديه

–

“- إلى متى ستستمر بالنوم ، على ما أفترض؟”

“هوااه!”

صرخ سوبارو من الألم ، بعد أن تعرض للركل بعنف تلاه هبوط شديد على الأرض.

عندما هز سوبارو رأسه وقام ، كانت بياتريس هناك -عابسة وإحدى ساقيها مرفوعة بطريقة غير مألوفة- استنكرت بياتريس تصرفه مرة أخرى غير قادرة على إخفاء استيائها.

“كنت تنام براحة تامة بينما كنت أتكبد عناء المجيء في الساعة المحددة.”

“لمَ تستمرين في الحط من قدر الناس حتى عندما لا تكونين مضطرة لذلك؟”

عندما تحدث سوبارو مرة أخرى شعر بعرق بارد بعد أن أدرك أنه نام دون قصد، لقد وصل سابقًا إلى حد إيذاء نفسه ليبقى مستيقظًا وليحافظ على حذره.

“النوم في اليوم الرابع والذي يعد الأكثر أهمية .. قد تكون لدي بالفعل رغبة في الموت “.

“أتساءل هل ستتوقف عن الغمغمة؟ هناك المزيد من الأماكن المناسبة لذلك “.

نظرت بياتريس إلى أسفل وشاهدت سوبارو وهو يرفع نفسه بخفة وجلست على كرسيها وهي تتحدث. عند رؤيتها في وضعها المعتاد مثل هذا ، أدركت سوبارو أن شيئًا ما قد تغير ونظر حوله في المكان

– لقد كان بالفعل في الأرشيف عندما استيقظ.

“حسنا، هذه مفاجأة. هل حملتيني أثناء نومي؟ “

“لم أرغب في قضاء الوقت في غرفة تملؤها رائحتك ، على ما أعتقد. هذا الأرشيف هو مكان مخصص لي وليس لأحد آخر، أيمكنك أخذ راحتك هنا ، على ما أفترض؟ “

علم سوبارو أن تصرفات بياتريس -التي فعلتها دون إذن منه- حسنت وضعه.

ممر بياتريس سيمنع المهاجم من تحديد موقع سوبارو، من المؤكد أن ريم لم يكن لديها وسيلة مؤكدة لخرق الممر بنفسها.

“لقد فكرتِ في الأمر مليًا، أليس كذلك؟”

“لا تجلس على الأرض مغمغمًا هكذا، هل تريد أن تضرب مثل الحشرة، على ما أفترض؟ “

أوه، إذا ما الذي تقرئينه؟ قال سوبارو ، وهو ينظر إلى الصفحات المفتوحة أمام بياتريس وهو يخرج لسانه.

على ما يبدو فإن التفكير في هذا كاعتبار سيكون مبالغًا فيه، نهض سوبارو من على الأرض ، محدقاً فجأة في يديه.

بقي يشعر بشعور غريب، شخص ما كان يمسك بيده وهو نائم ، ولم –

” بياتريس ، لا تخبريني أنكِ أمسكتِ بيدي وأنا نائم؟”

“لن أقول لك شيئًا كهذا على ما أعتقد. لم أكن لأفعل ذلك، حتى لو طلب باك مني”.

“يا له من قول … ولكن مهلا ، على الأقل يمكننا أن نموت معًا!”

“كلا. بالطبع لا.”

عضت بياتريس شفتيها بينما نظر سوبارو في أنحاء الغرفة مرة أخرى.

كان الأرشيف مليئًا بالكتب كالمعتاد ، وكان يفتقر إلى أي مكان مناسب للجلوس فيه. “كيف يفترض بي أن أقتل الوقت هنا …؟”

مع اقتراب المهلة ازداد قلقه وتوتره ؛ لقد كان سؤالًا مفتوحًا حول المدة التي يمكنه خلالها الحفاظ على هدوئه، لو كان بإمكانه أن يغمر رأسه في شيء ما وينسى مرور الوقت –

“صحيح، أهناك أي كتب مكتوبة هنا بطريقة “آي” فقط؟ “

“- بالتفكير في أنك لا تستطيع أن تقرأ إلا أبسط الأشياء، كم عدد البشر الذين تعتقد أنهم سيبكون بفرح بمجرد التفكير في دخول أرشيف عائلة ميزرس للكتب الممنوعة؟ “

“حسنًا ، أشعر بالسوء حيالهم … إذا ماذا ، أنت تعملين هنا بدوام كامل؟”

لم ير سوبارو بياتريس تتجول إلا في أوقات الوجبات، باستثناء أنها زارت غرفته في اليوم السابق ، كانت بياتريس دائمًا في الأرشيف على كرسيها.

خفضت بياتريس رأسها قليلاً عند سؤال سوبارو. “هذا هو الميثاق الذي أبرمته.”

“ميثاق آخر، هاه؟ ربما لا ينبغي لي أن أقول هذا بينما تساعدينني، ولكن أليس هذا صعبًا؟ “

أغمضت بياتريس عينيها وتحدثت وكأنها تقطع أي تحقيق إضافي.

“كل المواثيق ، هي أشياء أرغب فيها ، على ما أفترض”.

لقد سمع مصطلح “ميثاق” عدة مرات منذ وصوله إلى هذا العالم مصحوبًا دائمًا بإيحاءات ثقيلة.

تحدثت بياتريس بالكلمة بنفس الأهمية التي تحدثت بها إيميليا وباك فيما يتعلق بالميثاق الروحي بينهما. قدّر سوبارو هذا أكثر بعد أن شكل ميثاقًا بشكل مؤقت مع بياتريس نفسها.

بدت بياتريس يافعة جدًا لكنها كانت هنا بسبب ميثاق – لسبب ما ، شعرت سوبارو بشيء مثل وجع لا يطاق في عمق صدره عندما نظر إليها.

“أوي، ألا بأس عندكِ هنا و… – هوااه!”

“أسئلتك أصبحت مزعجة. يمكنك أن تقرأ شيئًا وأن تكون هادئًا ، على ما أفترض “.

أكدت بياتريس تصريحها بإلقاء كتاب عليه، وعندما أمسكه سوبارو أدرك أن الكتاب الذي التقطه كان مكتوبًا بطريقة “آي” بدءًا من العنوان.

عندما رفع سوبارو وجهه كانت بياتريس قد فقدت الاهتمام به بالفعل ، وخفضت عينيها إلى الكتاب بين يديها ، مما يدل على رفض المحادثة.

بدت وكأنها تصر بشدة على ترك سؤاله نصف المطروح غير مكتمل.

بينما لم يترك سلوكها مجالًا لكلمات الشكر بقي سوبارو ممتنًا وسعيدًا.

مر الوقت في أرشيف الكتب المحرمة بهدوء.

لم يكن هنالك أي تبادل للكلمات، مجرد أصوات تقليب الصفحات التي تردد صداها هنا وهناك.

ومع ذلك لم يكن قلب سوبارو مهتمًا بالقراءة في ذلك الوقت ؛ كل ما كان يفعله هو قلب الصفحة نفسها مرارًا وتكرارًا ، مما يجعل صوت تقليب الصفحات مجرد خدعة.

– في أرشيف الكتب الممنوعة لم يكن لديه طريقة لمعرفة ما يجري في الخارج.

كان غرفة بلا نوافذ، منعزلة عن العالم الخارجي تمامًا.

لم تكن لديه طريقة لمعرفة الوقت أو حتى الشعور بمرور الوقت، لذا تساءل ما هو الوقت بحلول ذلك الوقت.

منطقيًا فإن التواجد في الغرفة لمدة نصف يوم سيخرجه من هذه الليلة المليئة بالمشاكل، لكنه لم يكن لديه سوى إحساس غامض عن مقدار الوقت الذي مضى أثناء وجوده في الأرشيف.

لم يستطع الوثوق بحواسه لكنه تردد أيضًا في سؤال بياتريس.

كان سوبارو خائفًا من أن أي تصرف يقوم به قد يثير شيئًا ما، لم يكن الأمر بسيطًا لعدة أسباب مثل عدم الرغبة في إيقاف بياتريس بينما كانت تركز على قراءتها.

كانت أصابعه التي تقلب صفحات الكتاب مخدرة وطرف لسانه يتوسل من أجل الحصول على الماء.

أما قلبه فقد كان ينبض أشبه بصياح جرس الإنذار، تنهد بعمق ثم تساءل إلى أي مدى يمكنه الصمود ضد هذا التوتر؟

إذا كانت البداية قاسية للغاية هكذا فقد تأتيه النهاية دون أي إنذار،

تردد صدى صوت همهمة فجأة في الأرشيف الصامت. “- نداء.”

ظهرت معالم التفاجؤ على وجه سوبارو بينما وضعت بياتريس كتابها وأنزلت ساقيها على الأرض.

بدلاً من التحدث إلى سوبارو، بدا الأمر وكأنها تحدث نفسها: “نداء لي ، على ما أفترض؟”

حركت بياتريس بإصبعها وهي تتكلم، وفي اللحظة التالية شعر سوبارو بالتعب والانهيار.

أصدر سوبارو أنينًا صغيرًا حيث ارتجف جسده بالكامل من الإحساس الذي يشبه إلى حد كبير الطفو على السطح، نظرت بياتريس إلى سوبارو بعد سماعها ذلك الصوت كما لو أنها تذكرت للتو وجوده عندها.

“آه ، لقد كنت هناك ، أليس كذلك؟ لقد نسيت على ما أعتقد؟ “

“يا لها من نكتة، أتنسين أمر رجل يجلس أمامكِ مباشرة ..؟”

“لقد اتصل باك، يبدو أن هنالك مسألة ملحة”.

شعر سوبارو أن ذلك هو تحذير يعنيه لذا اهتز صرخ سوبارو لإيقاف بياتريس بينما كانت تلك الأخرى تتجاوزه إلى الباب كما لو كان الأمر طبيعيًا.

“ا- انتظري، انتظري! إذا خرجت الآن … “

“يمكنك البقاء في هذا المكان المغلق إن أردت، قد تكون بأمان هنا؟ “

تركت بياتريس خلفها كلمات ساخرة وهي تمر عبر الباب. أما سوبارو الذي كان الدم يتدفق إلى رأسه من بسبب تصرفها فقد بدا وكأنه يركل كرسيه بينما قفز ووصل نحو الباب. لقد تردد لثواني قليلة فقط ، لكن …

“أوه، ليذهب هذا الخوف إلى الجحيم، لا يوجد شيء خطير.. أليس كذلك؟! “

دفع نفسه بكلمات ساخرة ثم فتح الباب بقوة وخرج.

في اللحظة التالية ، أصابته.

“آه-“

بدون تفكير ، تسرب صوت سوبارو من شفتيه كالأحمق، كانت يده تحمي عينيه من ضوء الشمس الثاقب من ضوء الصباح الذي استقبله.

تحرك بثبات ولوح بيده في الهواء وكأنه يتحقق مما يراه، تحرك جسد سوبارو إلى الأمام نحو النافذة على الجانب الآخر من الممر الذي يطل على الحديقة الداخلية – ليجد الشمس قد بدأت للتو في شروقها.

كان صباح اليوم الخامس الذي كان يصبو إليه ولم يتمكن من بلوغه سابقًا.

“أيعني هذا … أني نجحت؟ تجاوزت الليلة الرابعة … ؟! “

غير قادر على تصديق النتيجة أمام عينيه ، فتح النافذة وكاد يكسرها.

أمسك سوبارو بشعره بينما هب نسيم بارد ليأخذ نفسا من هواء الصباح المنعش.

ثم تعثر ليصدم ظهره بالحائط خله وينزلق بعد أن فقد إرادة الوقوف.

لم يستطع فعل شيء سوى التحديق في حالة صدمة.

لقد كان يائسًا .. مستسلمًا تمامًا .. ومع ذلك ، تجاوز سوبارو اليوم الرابع ووصلت إلى اليوم الخامس. “ها ها ها ها…”

دون أن يدرك حتى .. تسللت تلك الضحكة خارجه، وبمجرد أن بدأ بالضحك لم يتمكن من إيقاف نفسه.

“هيهيهيهي- هاهاها. ما هذا؟ أوي ماهذا؟ أنا للتو … ها ها … “

لم يستطع التفكير في أي طريقة عقلانية يعبر بها عن مشاعره.

عانق ركبتيه ضاحكًا مثل رجل مجنون وظل جالسًا في الردهة.

كان يظن أن هذا اليوم أصبح بعيد المنال لدرجة أنه لن يبلغه

لم يستطع الكلام، بل بالأحرى لم يستطع إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن فرحته، وأخيرًا قاطع فرحت سوبارو الجوفاء صوت أشبه بصوت الجرس “—سوبارو؟”

رفع بصره منزعجًا ليرى فتاة ذات شعر فضي تقف في مكان أعمق في القاعة – إيميليا.

لقد تمكن من إيجادها سليمة معافاة في صباح اليوم الخامس.

كلاهما تجاوز الليلة الرابعة، هذه الحقيقة وحدها جعلت سوبارو يرتجف.

كان يأمل في حدوث هذه الفرصة.. إذا استقبلهما صباح اليوم الخامس، فيمكنهما الوفاء بالوعد الذي قطعاه.

سيقوم بتقديم إيميليا للأطفال في القرية ، وسيتمشيان في حديقة الزهور معًا، ويشكلان نفس الذكريات – ولكن …

“إيميليا …؟”

بدأ سوبارو يشعر بإحساس بالإنجاز الذي بالكاد بدا حقيقيًا بينما كانت إيميليا تراقبه في صمت.

ثم هرعت إيميليا إلى سوبارو كمل لو كانت تذكرت شيئًا للتو.

“سوبارو ، أين ذهبت؟”

“إيه ، أنا …”

“أعني … لا ، لا بأس، لا بأس ، فقط … تعال معي “.

سحبت إيميليا سوبارو بإصرار مفاجئ وركضت برفقته، بدت وكأنها لن تقبل بـ”لا” كإجابة، لذا ظهرت ابتسامة متكلفة على وجهه.

“إلى أين نحن ذاهبون … أوي ، إيميليا ، استمعي إلي، لقد بذلت قصارى جهدي لأصل إلى هذه المرحلة …”

حدق سوبارو في جانب وجه إيميليا وهو يحاول العثور على الكلمات التي تعبر عن نجاحه.

“لماذا تظهرين مثل هذه التعابير؟ أعني ، لقد اتضح أن كل شيء على ما يرام … أليس كذلك؟ أنا بأمان وبصحة جيدة ، وأنت … نعم. دعينا نذهب إلى القرية … معًا ، ثم … “

“-“

“هناك الكثير من الأشياء أريد قولها لكِ، وفعلها معك.. لقد حدث الكثير. أردتكِ أن تعرفـ – “

“—سوبارو.”

قاطعته بنداء قصير لاسمه، عندها لاحظ التذبذب اللحظي في عينيها ، والغضب الذي لم تعد تستطيع إخفاءه.

كان المظهر الذي كانت عليه عندما كانوا يقاتلون من أجل حياتهم في متجر السياج.

“ماذا حـ …”

حدث ، حاول أن يسألها لكنه لم يستطع، لأنه قبل أن يتمكن من وضع الكلمة على شفتيه، وصل إلى أذناه صوت مفاجئ

– ظن أنها صرخة، وقد تكون عويلًا بدلاً من ذلك.

كان صوتًا طويلًا وعالي النبرة … مليئًا بالحزن الذي شوه الروح.

كان هواء الصباح في القصر ممزقًا بصرخة الألم التي لا تنتهي .. كما لو أن شخصًا ما تم تمزيقه.

مروا عبر الممر وصعدوا عبر السلالم، الجناح الشرقي من الطابق الثاني للقصر مخصصًا لغرف نوم الخدم ، حيث كانت غرفة سوبارو في الحلقات السابقة.

قادته إيميليا بيده إلى الغرفة الداخلية حيث وقف هناك … “روزوال و …”

… ضاقت عينا الرجل ذو الشعر النيلي الطويل عندما رأى كلاهما يندفعان. بجانب روزوال وقفت بياتريس التي أسندت ظهرها على الحائط بينما تلتف قطة رمادية على كتفيها.

بوصول الثلاثة، كان سوبارو على وشك السؤال عندما تحدث روزوال ببساطة.

“بالداخل.”

أشار روزوال إلى الباب المفتوح لغرفة النوم التي بجانبه.

عندها استدار سوبارو لإيميليا التي أومأت له أيضًا، نظرة عينا إيميليا البنفسجية حسمت الأمور في عقله.

لذا حبس سوبارو أنفاسه ثم دخل حيث وجد الصراخ مستمرًا بلا انقطاع مالئًا الغرفة بأكملها.

دخل سوبارو وعيناه مفتوحتان على مصراعيها ، متجمدًا من التوتر مما رآه.

كانت غرفة مرتبة للغاية حيث بدت وكأنها غرفة فتاة بها الحد الأدنى من المفروشات الضرورية مما شخصية خادمة صارمة.

على الرغم من حصول سوبارو على غرفة متطابقة ، إلا أنه شعر بأنها مختلفة.

للحظة سمحت هذه المشاعر لسوبارو بنسيان المشهد الموجود أمام عينيه، لكن اللحظة مرت عندما تجلت أمامه الحقيقة المروعة ، وهي حقيقة لم يجد مكانًا يهرب منها

“وآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه -!”

كانت رام تصرخ بحزن عميق يكاد يمزق حلقها والدموع تنهمر من عينيها.

– وكانت ريم هناك مستلقية بينما تتشبث أختها الكبرى بها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.