رواية ري زيرو: بدء الحياة في عالم أخر من الصفر 15

مقدمة

PART I

حينها، تذكرت جيدًا مشاعرها آنذاك

مشهد ألسنة اللهب التي تحاصرهم وأولئك الذين تعرفهم قد تحولوا إلى جثث صامتة.

مشهد عالم يقترب من نهايته، عالم مغلق وناكر للجميل، عالم قاسٍ لا معنى له ولا يسبب سوى الألم!

رغم ذلك .. مدت يدها، وحركت أصابعها، وحركت شفتيها، وتوسلت.

فبعد كل شيء .. رغم أنه كان عالمًا أبعد من أن يمكن إنقاذه، كان هو عالمها الوحيد.

العالم الذي لطالما أدار ظهره لها، وأُغلق نفسه أمام عينيها ليصبح العالم الذي لا يمكن أن تنظر إليه إلا من بعيد.

لقد أرادت فجأة هدم ذلك الحاجز لتتمكن من التحديق في العالم الواسع والمبهر، وتنحت في عينيها غير المفتوحتين لون الجلد المحروق، ولون ورائحة اللحم المحروق ، ولون “القرون” الجميلة التي رقصت في السماء –

لقد شارف هذا العالم على الانتهاء ها هنا.. وبماذا كانت تفكر؟

حتى الآن .. ما تزال تتذكر المشاعر التي انتابتها آنذاك .. –

لذا كرست كل يوم في حياتها لتقضي على شعور الذنب الناتج عن هذه المشاعر ..

الفصل الأول: مشاعر الوعي الذاتي

كان أول ما برز لعينيه عندما فتحتها شعورًا بوجود ضوء أبيض أخاذ، خلف ذلك الضوء امتد أمامه ناظريه سقف كبير مزين ببلورات ذات ضوء خافت يضيء داخل الغرفة.

علم آنذاك في قرارة نفسه أنه قد استيقظ، فقد أدرك عقل سوبارو على الفور كيف يكون شعور الاستيقاظ.

“… الوسادة تبدو مختلفة، هاه، والرائحة أيضًا تبدو أرقى… لابد أنها فئة أعلى من المعتاد”.

تذوق سوبارو إحساس البطانية والروائح الجميلة الأخرى وهو مستلقٍ في السرير.

وبنظرة خاطفة عرف أنها غرفة للطبقة العليا، فقد كان سوبارو في سرير بحجم كينغ يتسع لخمسة أشخاص في غرفة بحجم تسعين قدمًا تقريبًا .. واسعة بشكل غريب وبها سرير واحد فقط.

“تلك اللوحة الجدارية تبدو باهظة مما يضفي على الغرفة شعور الوحدة، هاه، غرفة ضيوف إذن؟ “

لقد أصبح سوبارو الآن مستيقظًا تمامًا لذا قام بأرجحة ساقيه على جانب السرير بلطف وتحقق من حالته البدنية. لقد تأكد من قدرته على تدوير رجليه وكتفيه، وفي الأخير رفع ملابسه ولمس بطنه بحذر شديد.

“الجرح الذي كان في البطن … تلاشى تمامًا، بلا كدمات وبلا ندوب بالطبع… التقنية الطبية في العالم رائعة جدًا لدرجة أنه لا توجد حتى علامات خياطة، إن وضعنا ذلك أن مشهدي العظيم ذاك لم يكن من نسج مخيلتي فحسب”.

ثم أخذ يتذكر سلسلة الأحداث التي أدت إلى إصابة بطنه البليغة.

تم استدعاء سوبارو-وهو تلميذ ياباني عادي- فجأة إلى عالم آخر بطريقة مبتذلة مؤلمة ليواجه الموت -بعينه- عدة مرات.

كونه ما زال على قيد الحياة لم يكن إلا بفضل سلسلة من الصدف أفضل ما يمكن تسميتها بالمعجزات.

“ولكن كم من الوقت مضى منذ تلك الحادثة… لا توجد طريقة لمعرفة الوقت، هاه؟” أمعن سوبارو النظر في كل أنحاء الغرفة ولكن لم يعثر على أي أثر لتقويم أو ساعة أو ما شابه. كان الكريستال المتوج بالذهب فوق الباب بارزًا؛ وأخبره الظلام خارج النافذة أن الليل قد خيم على المكان.

استلقى سوبارو على كتفيه وأخذ نفسا عميقا، ثم عبّر عن النتيجة التي لا مفر منها على شفتيه واستسلم أخيرًا لمواجهة الواقع. “أيًا كانت طريقة القطع … تمكنت هذه المرة من تجنب العودة بالموت، هاه؟”

“الميتة الأولى كانت مثيرة للشفقة أما الثانية فكانت شجاعة، والثالثة مت كالكلب تمامًا، وفي المرة الرابعة، انخرطت في معركة مميتة وتوفيت إثر ضربة طائشة – هذا ما كنت سأقوله لو لم أتغلب على هذا التطور.

يا رجل، لو مت آنذاك لكان خياري الوحيد هو رحلة ذهاب بلا عودة إلى موبفيلي”.

بعد أن استلقى مجددًا على السرير، بدأ سوبارو بعد أسباب وفاته على أصابعه.

إن عدنا للوراء وتذكرنا، لقد تم تمزيقه حتى الموت كل مرة -بما في ذلك حادثة السطو المسلح-. لذا لم يعد يريد أن يرى أي نصل حاد مرة أخرى لفترة.

على كلٍ، لقد تمكن بطريقة ما من تجنب العودة بالموت، وتمكن أخيرًا من المضي قدمًا في الوقت.

حقيقة أنه على ما يرام بعد إصابته بجرح قاتل يعني …

إيميليا» سحر شفاء ، هاه؟”

ظهرت في عقله صورة لفتاة جميلة ذات عيون أرجوانية وشعر فضي -إيميليا.

لقد ظن أن الآمن افتراض أنها قامت بشفاء جرح بطنه، فقد قامت إيميليا بشفاء جرحه له ذات مرة، مما جعل مثل ذلك الافتراض أمرًا طبيعي الحدوث.

لذا استنتج سوبارو أن غرفة الضيف التي كان يستريح فيها كانت جزءًا من قصر تملكه إيميليا.

ثم مرة أخرى…

“من المحتمل أن يكون هذا القصر مرتبطًا بعائلة راينهارد… لكن حسنًا.”

بإلقاء نظرة خاطفة على الباب، أطلق سوبارو تنهيدة عميقة لعدم وجود معلومات عن وضعه الحالي.

، لكن لم تكن هناك أي فتيات جميلات عندما تم استدعائي.

بالنسبة للاستدعاء، هنالك بعض أوجه القصور المختلفة … “

كان هذا الاستدعاء بالتأكيد من الدرجة الثالثة، فهو لم يستطع قطع الجيوش، وبالكاد واجه أي لقاءات ذات مغزى.

“وعلاوة على ذلك ، لم يحدث شيء حتى الآن … لذا فإن الأمر متروك لي لأقوم بالتقصي وأجعل نفسي مرتاحًا.”

قفز سوبارو على قدميه ووضع يده على الباب، وبمجرد فتحه هب هواء بارد ومنعش من خلاله وتحولت الأرضية إلى أرضية باردة تحت قدميه العاريتين.

عندما غادر الغرفة، انكشفت أمامه جدران وأرضية ممر ذو ألوان دافئة، تفرع ذلك الممر إلى جهتين .. يمينًا ويسارًا.

بشكل مخيف ، لم يستطع رؤية طرفي الممر.

» إنه ضخم للغاية… لا يمكنني حتى معرفة ما إذا كان أحد هنا “.

سار سوبارو بهدوء في الممر حافي القدمين، وابتسم في صمت. كان الأمر كما لو أنه لا يستطيع سماع أي علامات للحياة والتي تكون موجودة عادة

“المكان هادئ للغاية ، حتى في الليل … هذا يجعلني أرغب بعدم رفع صوتي…”

من الجانب الشخصي، كان سوبارو يود أن يسأل بصوت عالٍ: أيوجد أحد هنا؟ ولكن الظروف الحالية جعلت من ذلك أمرًا خطيرًا للغاية.

فبعد كل شيء، لم يتأكد سوبارو ما إن كان هذا المكان آمنًا له أم لا.

بطبيعة الحال، تقبل سوبارو فكرة أن المضيف كان ودودًا، ولكن في أسوأ الحالات، قد يكون المضيف هو القاتل الذي يحب قطع بطون الناس قد عاد واختطفه.

ومع ذلك، لن يكون قادرًا على فعل شيء إن افترض أن كل شيء سيء.

“قال كينيتشي ذات مرة: يجب أن تُعاش الحياة. هذا ما أؤمن به أيضًا “.

بالمناسبة، كينيتشي هو والد سوبارو. كان من المناسب جدًا أن يكون والده هو شخص مثله.

خطوات سوبارو إلى الأمام لم تتعثر. ولكن بعد فترة من المشي، لوى سوبارو رقبته قليلاً.

“رغم أني مشيت هذه المسافة، إلا أنني لم أصادف أي منعطف، أهذا هذا ممكن يا تُرى؟”

لم يستطع سوبارو احتواء مخاوفه وهو أمر متوقع، استدار سوبارو مفكرًا في العودة إلى الاتجاه الآخر.

ثم رفع حاجبه وقال: “هاه ..؟ تلك اللوحة … ظننت أنها كانت أمامي مباشرة عندما خرجت من الغرفة … “

عقد سوبارو ذراعيه وهو يقف أمام اللوحة الزيتية التي تزين الممر.

كانت لوحة لمشهد غابة في الليل، وقد شعر وكأنها اللوحة ذاتها التي رآها عندما خرج من الغرفة.

باستبعاد تفسير أنه كان يسير بسرعة الحلزون، قفز سوبارو إلى الاحتمال الوحيد الذي يمكن أن يفكر فيه.

“ربما تحتوي الأرضية على بعض الخدع التي تجعلها تتحرك من تلقاء نفسها أو … أمن الممكن أن يكون الممر يدور في حلقة مفرغة …؟”

من المحتمل أنه استدار في اتجاه الخريطة المعاكس بعد السير في طريق معين. لقد كان فخًا ميدانيًا كذلك الذي يوجد في لعبة تقمص الأدوار.

“إن كان الممر عبارة عن حلقة، فربما يكون لها علاقة بالعودة بالموت.”

أمسك سوبارو بمقبض الباب في أقرب غرفة وفتحه -على أمل أن يقابل شخص ما هناك-، عندما فعل ذلك ، استقبلته غرفة فارغة تمامًا وخالية من الرتوش، وبالطبع ، لم يكن أحد فيها

“ممر دائري به عدد من الغرف … وإن لم أجد الغرفة الصحيحة لن أتمكن من الخروج؟”

على الرغم من أنه لم يقبل بعد فكرة أنه قد تم استدعاؤه إلى عالم آخر، إلا أنه كان يواجه عنصرًا خياليًا جديدًا بعد الاستيقاظ مباشرة.

“إذن، إن سارت الأمور وفقًا للقصص الأدبية، فقد يستغرق الأمر ساعات للعثور على الصورة الصحيحة. سأعاني من الجوع. وبعدها سينهار عقلي ثم جسدي، إن كان هذا هو الحال … “

أراد سوبارو أن يمسك برأسه بسبب هذا الوضع.

أخذ سوبارو نفسا عميقا، ثم مسح العرق عن جبينه وأخذ خطوته الأولى بثبات إلى الأمام.

قام بلوب مقبض الباب المواجه للوحة الزيتية – بعبارة أخرى، هذا الباب يشبه ذلك الباب الذي خرجت منه سوبارو أول مرة.

“سأنام في غرفتي حتى يأتي أحدهم. قد تكون الغرفة الأولى التي كنت فيها هي الهدف على كل حال”.

نطق سوبارو بأفكاره المتقلبة ، ودخل الغرفة

—

“… كنت أتساءل .. لمَ تبدو كشخص مزعج للغاية؟”

داخل الأرشيف المليء بالكتب -والذي لم يتذكر سوبارو رؤيته في وقت سابق- كانت هنالك فتاة ذات شعر مجعد يتلألأ أمامه مباشرة.

– لقد كانت غرفة مكتظة بالكتب

كان عرض الغرفة ضعف عرض الغرفة الأولى تقريبًا، ممتلئة برفوف الكتب التي بلغ ارتفاعها السقف، وكل رف مبطن بالكتب التي يصعب حتى إحصاء عدها.

“يا رجل ، أنا هنا في مكان مليء بالكتب ولا أستطيع قراءة كتاب واحد … يا له من مشكلة”

اشتعلت أنفاسه عندما أخذ نظرة على الكتب غير قادر على العثور على كتاب واحدة يحمل على غلافه حروفًا يابانية

لم يكن نوعًا تشبه أي نوع من الأبجديات التي يعرفها؛ بالأحرى كانت كل الأحرف مثل تلك التي رآها في العاصمة الملكية – الأحرف التي تستخدم غالبًا في ذلك العالم.

تنهد سوبارو عندما نظر إلى الحروف التي لا يستطيع قراءتها مهما حول

“تنظر إلى أرفف شخص ما و تتنهد علاوة على ذلك …أتحاول الإساءة لي .. أتساءل؟ ربما ينبغي علي الرد بالمثل؟ “

“وجهك الجميل سيضيع هباءً إن لم تبتسمي، هيا ، ابتسمي ، ابتسمي! “

“أنا ببساطة جميلة بطبيعتي، أعتقد أن سخريتي يجب أن تكون كافية لأمثالك”.

وضعت الفتاة أطراف أصابعها على خديها، ثم ابتسمت ابتسامة قاسية. كانت بيتي فتاة لطيفة وجميلة – وهو مشهد رآه عدة مرات في هذا العالم بالفعل.

كانت تبدو أصغر من فيلت التي قابلها في الأحياء الفقيرة، لا يتجاوز عمرها أحد أو اثني عشر عامًا. ترتدي فستانًا مزكرش يطابق تصفيفة شعرها المكشكش وكلاهما يلائمان وجهها الجميل.

كان شعرها الباهت ذو اللون الكريمي طويلًا وذو لفائف ملفتة، لو أنها تبتسم بشكل صحيح فحسب، لن تفشل في إذابة قلب أي شخص!

آنذاك، كانت تحمل كتابًا كبيرًا في يديها وتجلس على مسند قدم خشبي نظرت من عليه إلى سوبارو.

“أنت تعرف معاني الكلمات العميقة مثل “السخرية”، صحيح؟ وأنت في حالة مزاجية سيئة لأنني فهمتها من المرة الأولى؟ خطأي! لقد كنت أفعل أشياء مثل هذه منذ الأزل “.

كان لدى ناتسكي سوبارو موهبة في اختيار الإجابة الصحيحة للأسئلة الصعبة متعددة الاختيارات من المحاولة الأولى-دون الحاجة إلى تلميح. في الماضي ، دمرت سوبارو العديد من المخططات كهذه عن غير قصد. ولغز ذلك الممر هو آخر هذه القائمة.

“كل جهدي الذي أفنيته في صنع مثل هذا الفخ كان بلا فائدة … هذا أمر مروع للغاية.”

“أفترض أن جميع الـ GM يريدون المرور بكل أحجيتاهم بدل القفز إلى النهاية، فهمت الآن، كانت تلك غلطتي ~”.

لوح سوبارو بيده كاعتذار بينما كانت الفتاة تحدق به بعيون نصف مغطاة، على ما يبدو .. أحبط تصرف سوبارو كل المخططات التي عملت عليها هذه الفتاة.

“حسنًا، لنضع كل النقاط على الحروف، هلَّ تخبريني أين يقع هذا المكان بالضبط؟”

“همف. إنه أرشيفي، ومكان نومي… وربما يمكنك تسميته سكني الخاص؟ “

“ألا يفترض أن يجعلني ذلك أشعر بالحزن تجاهك؟ أعني، أليس لديكِ غرفة نوم لتنامي فيها؟ هذا فظيع. أو ربما عليَّ الضحك على استخدامكِ المكتبة كغرفة خاصة؟”

“أقلت هذه التصريحات بغرض الاستفزاز، أتساءل؟!”

ردت الفتاة المنزعجة -التي أطلقت على نفسها اسم بيتي- بسخرية حادة، ونفخت خديها وتقدمت نحو سوبارو.

“لقد بلغ صبري أقصى حدوده، أظن أن عليَّ وضعك في مكانك يا هذا”.

“أوي! أيَا كان ما تخططي له، لنتوقف حالًا، أنا مجرد فتى عادي، ليست لدي قدرة قتالية على الإطلاق هنا”

أصبحت عيناه أصغر حجماً وامتلأت بالدموع، قم أخد جسده بالارتجاف في وضعٍ مزري ولكن سرعة خطى الفتاة الناعمة زادت.

“ابقَ حيث أنت!!”

تعرض سوبارو للهجوم مفاجئ من قبل شيء تسبب بقشعريرة في عاموده الفقري.

مدت الفتاة يدها -أمام عينيه- حتى وصلت إلى سوبارو. تجمدت سوبارو بينما كانت الفتاة -التي لم يصل ارتفاعها إلى أعله صدره- تحدق فيه بعيون زرقاء شاحبة.

استلسم جسده للقشعريرة حيث تردد صدى صوت رنين عالي النبرة داخل جمجمته.

“أهناك شيء تود قوله…؟”

عندما طرحت الفتاة سؤالها، تجمد للحظة.. بحث سوبارو عن أفضل ما يمكن قوله خلال اللحظة التي سُمح له بالحديث فيها. تجولت أنظار سوبارو في المكان بينما ارتجفت شفتيه.

“لن .. لن يكون ذلك مؤلمًا، صحيح؟”

“أيجب علَّي أن أشيد بإخلاصك للسانك المتقلب، أتساءل؟” تحدثت الفتاة بنبرة من الإعجاب الحقيقي ثم مديت يدها إلى

صدر سوبارو وضغطت بكفها على صدره وأطراف أصابعها تضغط برفق على بشرته. شعر بدغدغة بسيطة ومن ثمّ.

– “بوا …!”

—في اللحظة التي تلت ذلك تمامًا شعر سوبارو بجسده يحترق بالكامل

كان هناك شيء ما يندفع بداخله مما جعله يشعر وكأنه يحترق من أطراف شعره حتى أطراف أصابعه. كان الألم المخيف كما لو أن إصبعًا من اللهب يتتبع أعضائه الداخلية.

اجتاح الظلام بصيرته، وعندما عاد سوبارو لوعيه جثا على ركبتيه لتذرف الدموع من عينيه

“ما – ما الذي فعلتهِ لي؟ ، أقمتِ بحفر-…”

“ببساطة، لقد قمت بالتدخل في جريان المانا داخل جسمك. أتساءل ما إن كانت دورتك الدموية تعاني من ضيق خفيف؟ “

تمتمت الفتاة بهدوء وهي تجثو على ركبتيها وتضع إصبعها في جسد سوبارو.

“حسنًا ، سيكون من الجيد التأكد مما إن كنت تحمل نية عدائية أم لا، وردًا على وقاحتك تجاه عملي الشاق، أظن أنني سأقوم بمصادرة بعض المانا منك قبل رحيلك”.

بعد أن بلغ سوبارو أقصى حدوده، لم يتمكن من البقاء منتصباً من ضربة بالكوع ، وسقط رأسه على الأرض. على الرغم من ذلك ، كان قادرًا على تحريك رقبته ببطء، والنظر إلى أعلى بينما كانت الفتاة تحدق به بابتسامة شريرة.

“أنت بطيء جدًا في استيعاب ذلك بالنسبة لشخص قابل باك سابقًا.”

نظرت الفتاة إلى الأسفل باستمتاع بينما كان سوبارو يزحف، بدت أصغر عمرًا من الأسلوب الذي كانت تستخدمه في الحدث، كما لو أنها من نوع الفتيات الصغيرات اللوات يمزقن أجنحة الحشرات في لعبة قاسية.

“لتصحيح … حتى شخصيتك … لا يوجد بها ذرة إنسانية …”

“بالطبع، أنا كائن سامٍ أعلى من أن تتمكن من تقدير قوته أيها الإنسان.” لقد كان بيانًا قاسيًا قادمًا من شفاه فتاة صغيرة.

شعرت سوبارو بأن أنفاسه تتصاعد من الداخل. لكنه لم تكن لديه القوة المتبقية لوصف تلك الحرارة بالكلمات، فغرق وعي سوبارو في الظلام رغماً عنه.

– تبًا، استيقظت للتو وأصبت بضربة أخرى ؟!

“إن مت هنا سيكون من الصعب إزالة قشرتك، سأتحدث إلى الآخرين “.

– لا تقولي عن جثماني “قشرة”، هذا يجعلني أبدو كالحشرة، أيتها الشقية الصغير-

عاد سوبارو للنوم مرة أخرى، غير قادر على تحريك لسانه السليط حتى.

PART II

“أجل يا ريم، لقد استيقظ.”

عندما استيقظ بعد ما حدث تحدثت عنده فتاتان تتقاسمان نفس النغمة

كان في نفس السرير المريح والناعم كما وجد نفسه سابقًا، في الستائر فتحة طفيفة تسمح بدخول أشعة الشمس والتي أحرقت جفون سوبارو الهادئة مما جعله يفترض غريزيًا أنه الصباح.

بعد أن استيقظ تمامًا ، جلس سوبارو وهو يتذكر أن دورة الليل والنهار والليل انعكست بعد خروج المدرسة. أمعن النظر فيما حوله ثم أدار كتفيه، وحرك وركيه نحو النافذة وهو ينظر في ذلك الاتجاه.

“عزيزي الضيف، إنها السابعة تقريبًا حسب التوقيت الشمسي”

نقلت أصواتهم اللطيفة الوقت لمسامعه، ‘السابعة حسب التوقيت الشمي’ لم تكن لديه فكرة عمَّا يعنيه هذا، لكنه خمن أنه يعني شيئًا مشابهًا للسابعة صباحًا.

“في هذه الحالة، إن لم تعتبرا هذه المرة (استيقاظًا مبكرًا) فهذا يعني أني نمت ليوم كامل تقريبًا، أليس كذلك؟ حسنًا، سجلي هو يومين ونصف، لذا فهذه ليست مشكلة كبيرة ، حقًا “.

“أختي، هل سمعتِ؟ إن من الكسل قول شيء كذا”.

“أجل، سمعت يا ريم، سمعت، إن ما قاله للتو شيء ينم على الكسل “.

“إذن من هاتان اللتان تنتقدانني بصوتين متشابهين هنا؟!”

جلس سوبارو سريعًا متفاجئًا من الفتاتان اللتان تحاصران السرير من كلا الجانبين. اندفعت الفتاتان مسافة قصيرة إلى ركن من الغرفة وقد ضمتا أيديهما وقربا وجهيهما عندما نظرن إليه.

واقفتان بجوار بعضيهما كما لو أنهما حبة فول انقسمت نصفين، إذ أن من الواضح أنهما توأم.

يبلغ ارتفاعهما حوالي مائة وخمسين سنتيمترا، تتمتعان بعيون واسعة، وشفاه وردية، وبشرة ناعمة نضرة مما جعلهما مثاليتان للغاية. كلاهما كانا بقصة بوب قصيرة ولكل واحدة منهما خصلة شعر تغطي على إحدى عينيها – العين اليمنى لإحداهما واليسرى للأخرى.

كانت القرائن البصرية الوحيدة للتفريق بينهما هي طريقة وضع تلك الخصلة على وجيهما وحقيقة أن إحداهما ذات شعر وردي والأخرى ذات شعر أزرق.

راقب التوأم سوبارو الذي فزّ عقله كما لو أنه أدرك شيئًا مهمً بعناية تامة

“مستحيل … هناك ملابس خدم في هذا العالم أيضًا ؟!”

كانتا ترتيان فساتين سوداء قصيرة بمآزر بيضاء وأغطية رأس من الدانتيل الأبيض على رأسيهما. تم تصميم هذه الملابس خصيصًا لتكشف عن أكتافهما الضيقة كما هو حال التنانير القصيرة التي تظهر تفاصيل جسديهما بشكل فاضح. لم يكن سوبارو يعرف الكثير عن ملابس الخادمات، لكنه كان متأكدًا من أن مستوى كشف الجسد يمثل الذوق الشخصي للمصمم … على الرغم من أن الملابس تبدو جميلة على التوأم

“ظننت أنه من المفترض أن ترتدي الخادمات ملابس محتشمة … ولكن، أظن أنها أعجبتني!”

“هذا فظيع يا أختي، تدور الآن في رأس ضيفنا العزيز أفكار فاحشة ومشينة عنكِ”.

“هذا مروع يا ريم. لقد أصبح رأس ضيفنا العزيز مليئًا بالأفكار المثيرة للاشمئزاز عنك “.

“لا تطبقا بالمسلمات على عقلي أيتها الآنستان كما لو أنكما تعلمان ما في مخيلتي! “

عقد سوبارو ذراعيه وقام بحركات موحية بأصابعه، هذه الإشارة جعلت وجه الخادمتين يرتعش، التفت الفتاتان لبعضهما البعض وأشرن بأيديهن إلى بعضهن البعض.

“أرجوك يا ضيفنا العزيز، كف غت هذا، دعنيَّ أذل لكَ ريم عزيزي الضيف. دعني أذهب وأذل ريم عوضًا عن ذلك “.

“أين ذهب حبكم الأخوي!؟ أعني كيف تبيعان بعضكما البعض من أجل فدائي ببعض الأرواح؟! “

دفعت كل خادمة دور كبش الفداء على الأخرى، حيث نظرت كل واحدة منهما إلى سوبارو كما لو كانت تتساءل عن أي واحدة سيغرق أنيابه الشريرة في البداية. كان ذلك عندما انتبه إلى الصوت المفاجئ …

طرق طرق وقفت فتاة أمام الباب المفتوح، وهي تطرق عليه بهدوء في الآن ذاته وتنظر إلى ثلاثتهم.

“… ألا يمكنك الاستيقاظ بدراما أقل؟”

اليوم تركت شعرها الفضي الطويل يتدلى بشكل طبيعي على ظهرها حتى يصل إلى وركيها. لم يكن تكن ترتي الرداء الذي رآها به في العاصمة، بل كان زيًا يبرز بشرتها الفاتحة ولياقتها البدينة بتصميمه الرفيع.

على غير المتوقع، كانت ترتي تنورة قصيرة مما جعل سوبارو يتعجب من الطريقة التي أظهرت بها ساقيها الطويلتين ثم قبض كف يده.

“فهمت! أيًا كان من اختار هذا التصميم، فقد فهمت ما كان يفكر به!” حدقت الفتاة ذات الشعر الفضي – إيميليا – في مديح سوبارو.

“… لست متأكدة تمامًا مما تشير إليه ، لكنني أشعر بخيبة أمل شديدة لأنني أعرف أنه شيء لا معنى له.”

بخطوة واحدة، أدت زيارة إيميليا المفاجئة إلى تحسين الحالة العقلية لسوبارو بشكل كبير.

في مكان مليء بالمجهول – كانت حادثة أول فتاة صغيرة يلتقي بها مؤثرة بشكل خاص – رؤية إيميليا وهي فتاة ذات وجه ودود عرفه منذ استدعائه للعالم آخر- جعل الأمر أكثر خصوصية في ذهنه.

“أظن أني قلقت بعض الشيء عندما سمعت أن بياتريس كانت قاسية عليك وأنت تعاني من نقص في الدم … لم يكن ينبغي أن أشغل بالي بأمرك على مايبدو.”

“أنا في حالة مزاجية جيدة لاستيقاظي على رؤية وجهك، ومع ذلك أنا خائف قليلاً من طرح هذا السؤال ، لكن … “

مع إعطائه إيميليا نظرة مريبة، وضع سوبارو يديه معًا ونظر إليها بخجل بعيون مقلوبة.

“أنتِ، آه … تتذكرين كل شيء عني، أليس كذلك؟”

“لسبب ما لا أحب هذه الإيماءة، وأيضًا بالنسبة لسؤالك الغريب. لا أظن أني سأنسى شخصًا مميزًا مثلك يا سوبارو “.

بابتسامة إيميليا الساحرة ومناداتها له باسمه، أنزل سوبارو كتفيه بارتياح، وبعد أن أدرك أنها المرة الأولى التي تناديه تلك الفتاة باسمه احمر وجهه خجلًا إلى حد ما.

“سيدة إيميليا! أرجوكِ اسمعي، هذا الشخص أهان أختي بشكل رهيب، هذا كل شيء”.

“سيدة إيميليا! أرجوكِ اسمعي، لقد حاصر هذا الرجل الفتيات وانتهكهن. ريم ، هذا كل شيء “.

ترك التوأم سوبارو خلفه -والذي أصبح وجهه محمرًا حتى أطراف أذنيه – واندفعا إلى إيميليا لتفريغ شحناتهم التي لا أساس لها. ابتسمت إيميليا ابتسامة متوترة لسماع ذلك الافتراء ونظرت إلى سوبارو.

“أنا … لا أعرف سوبارو بما فيه الكفاية لأجزم أنه لم يفعل شيئًا كهذا، ولكنني أظنه أنه لم يفعل ذلك، لذا دعونا لا نضغط عليه كثيرًا، حسنًا؟”

“حاضر سيدة إيميليا، ستأخذ ريم ذلك بعين الاعتبار”

على الرغم من تصريحاتهم، لا يبدو أن التوأم يقصدان ذلك ولو قليلاً. لكن لم تظهر إيميليا أي علامات على الاعتراض على موقفهم؛ قد يكون ذلك لأنها ببساطة معتادة على مثل ذلك.

“على كل حال يا سوبارو ، هل أنت بخير؟ ألا تشعر بأي بألم في أي مكان؟ “

“همم ، أوه ، أجل ، قبل أن أنام ، شعرت أن جسدي يحترق وأني على وشك الموت، لكنني لا أشعر بأي شيء من ذلك الآن. في الواقع أشعر أنني نمت كثيرًا فحسب “.

“نزهة؟”

ارتسم على محيا إيميليا ابتسامة رقيقة عندما أومأ سوبارو برأسه

“أجل ، نزهة. أحاول القيام بنزهة في الحديقة مرة في اليوم، ويبدو أن هذا هو الوقت المناسب لذلك، أليس كذلك؟ “

“مرة في اليوم … ماذا تفعلين؟ تسقين الأزهار؟ “

“ليس تماما، أحد شروط اتفاقي مع الأرواح المختلفة هو أن أتواصل وأتحدث معهم كل صباح “.

عندما ذكرت إيميليا الأرواح، فكر سوبارو فورًا بروح القط التي رآها مع إيميليا.

نزهة ودردشة مع الأرواح. لقد كانت فكرة جيدة ستشبع فضوله ودوافعه الخفية.

“يبدو فرصة إعادة تأهيل رائعة بالنسبة لي إيميليا-تان، أيمكنني التجول في الحديقة وممارسة الرياضة أثناء التحدث إلى الأرواح؟ “

“حسنًا ، إن لم تتحدث بصوت عالٍ أو تحدث ضجة كبيرة ، فلا بأس … هاه؟ ماالذي قلته؟ “

“حسنا اتفقنا، لنذهب إلى الحديقة! “

“أوي، ما الذي قلته للتو؟ ما الذي تعنيه بـ “تان”؟ من أين أتيت بذلك؟ “

يبدو أن اللقب الذي يطلق على الحيوانات الأليفة قد أغضب إيميليا. لقد كان سوبارو يخفي احمرار وجنتيه عندما أخذت تناديه باسمه بشكل علني، لذا أشاح بوجهه نحو وجهي الخادمتين الواقفتين بجوار بعضيهما “أيتها الأختان الخادمتان، أين ملابسي القديمة؟ أشعر وكأنني ارتديت ثوب المستشفى عندما فاقد الوعي، أظن أن القصر قد أعارني هذا ، لكن … “

“أتفهمين ما يقوله يا أختي؟ أيعني تلك الخرقة الرمادية؟ “

“أجل، أفهم يا ريم، إنه يعني قطعة القمامة تلك الملطخة بالدماء والتي يشبه لونها لون الفأر “.

“يا لها من وقاحة، تصفان ملابسي بأنها قذرة وتبدو كفأر قذر! إن كانت ملابسي غير ممزقة فهل يمكنكما إعطائي إياها؟”

في مواجهة لطلب سوبارو التفت التوأم إلى إيميليا بمظهر يوحي انتظار الإذن، وعندما ردت عليهما إيميليا بإيماءة انحنى التوأم بأدب وغادرا الغرفة.

“لست بحاجة لسماع هذا مني ، لكن يجب ألا ترهق نفسك، فقد تعرضت لجروح بالغة “.

“لكنك قمت بشفاء الجرح تمامًا، آه، صحيح…”

كما لو أنه تذكر شيئًا ما، عدل سوبارو جلسته وأحنى رأسه ببطء لإيميليا

“شكرًا لك على شفاء جراحي، إيميليا -تان. لقد أنقذتني، أنا أخاف الموت حقًا، ولا أود القيام به إلا لمرة واحدة فقط “.

“مرة واحدة هو العدد الذي تقومون به عادة …؟ لكن .. همم هذا لا يهم … “

بعد ذلك الرد العفوي، تلألأت عينا إيميليا الأرجوانية وهي تنظر إلى سوبارو.

“ينبغي أن أكون أنا من يشكرك، فقد خاطرت بحياتك من أجلي وأنت بالكاد تعرفني، أقل كان بإمكاني فعله أن أداوي جراحك”

توقفت أنفاس سوبارو لدى سماعه اعتذارها الصادق.

لقد كره نفسه لعدم قدرته على الرد عليها بالرد الذي يريده.

– قالت له إيميليا ألا يهتم بهذا لأنه أنقذها، ومع ذلك كانت إيميليا هي من أنقذه أولاً.

لكن السجل الوحيد لتلك الحادثة كان بداخل ذكريات سوبارو فقط.

لذا ابتسم سوبارو متمسكًا بامتنانه الذي لم يستطع إيصاله لها بالشكل الصحيح. “متساويان…؟”

“هذا يعني أن أيا منا لا يدين للآخر بشيء، لنتفق على ذلك، يا أخي!”

لو كان يتحدث إلى أحد سكان الحي الفقير لكان هذا هو الوقت المناسب له ليضربهم على أكتافهم. ولكن في تلك اللحظة، كان كل ما يمكن أن يفعله سوبارو لإخفاء إحراجه ووجهه الخجل قدر المستطاع. ابتسمت إيميليا ابتسامة صغيرة لسوبارو.

“أليس هذا تعليق قاسي للغاية ؟!”

لقد رفع كتفيه بلا رسمية

وضحك كلاهما على الآخر، عنده فُتح الباب وعادت الخادمتان التوأم، أمعن سوبارو النظر فيهما عندما رآهما تحملان الجزء العلوي والسفلي من بدلته الرياضية، قطعة واحدة في يد كل منهما.

“أعتقد أن الوقت قد حان لاستئناف اليوم.”

بدأ يومه الأول فعليًا منذ تجاوزه “العودة بالموت”.

هز سوبارو رأسه رافضًا عندما عرضت الخادمات عليه تبديل ملابسه له، وقام بتغيير ثيابه بنفسه قبل التوجه إلى حديقة القصر مع إيميليا

أطلق سوبارو تنهيدة تعجب وهو ينظر إلى الحديقة الواسعة، “هذه الحديقة كبيرة بحق، القصر ضخم ، لكن هذه المنطقة شاسعة بالنسبة لمجرد حديقة!”

لقد رأى حدائق الأثرياء في الأنمي والمانجا من وقت لآخر، لقد كانت تظهر على أنها نوع من الأماكن التي يقام فيها حفلات العشاء. في وسط تلك الحديقة الضخمة، بدأ سوبارو القيام بتمارين الإطالة ليبدأ بعدها تمارين إعادة التأهيل.

نظرت إيميليا بفضول وهي تراقب تحركات سوبارو. “يا لها من حركات غريبة، ما الذي تفعله بالضبط؟”

“أوه ، ألا تقومون بعمليات الإحماء هنا؟ إنها حركات نفعلها قبل البدء بالتمارين الشاقة “.

“حسنًا، لم أر الكثير من ذلك قبلًا، لكني أعلم أن من الخطورة القيام بحركات مفاجئة أو عنيفة “.

“إذن، الناس لا يقومون بتمارين الإطالة في هذا العالم؟ حسنًا ، ما باليد حيلة، ما رأيكِ أن أعلمك إيها؟ سأعلمكِ تمارين إحماء حقيقية من وطني والتي توارثتها الأجيال! “

يبدو أن إيميليا استسلمت أمام عرض سوبارو الواثق وقالت: “ح- حسنًا، لا بأس بالقليل إذن” ثم بدأت بتقليد سوبارو. وقف سوبارو بجوار إيميليا وأعطاها التعليمات.

“صباح الاحماء الجزء الثانيييييي! ارفعي يدك عالياً وأرجعيها للخلف ~~! “

“إيه، ماذا، أليس هذا مستحيلًا؟!”

“افعلي مثلما أفعل فحسب، سأنحت في داخلكِ أساسيات تمارين الراديو الآن! “

وبخه سوبارو إيميليا لفشلها عدة مرات، وتابعا التمرن وفقًا لإيقاع روتيني مشهور في جميع أنحاء البلاد.

كانت إيميليا ما تزال في حيرة من أمرها في البداية لكنها أثبتت أنها سريعة التعلم، وعندما أطلقا آخر زفير عميق، رفع سوبارو كلتا يديه نحو السماء

“ا- انتصرنا!”

“حسنًا، ها أنت ذا إيميليا تان، الآن أصبحتِ مبتدئة في تمارين الراديو!”

بعد أن انتهت من ممارسة تمارين الجمباز بكل قوتها، أظهر وجه إيميليا أن التمارين الجديدة قد تركت انطباعًا عميقًا بداخلها. لكن وجهها انقلب بعد برهة كما لو أنها تذكرت هدفها الأساسي

“صحيح، لقد أخذت الأمور منحى آخر، إن نسيت ما الذي أتيت لأجله سينزعجون “.

أخرجت إيميليا -التي ابتسمت ابتسامة رقيقة هي تتحدث- بلورة خضراء من جيبها وأرتها لسوبارو.

“آه ، هذا …”

“بلورة لتعيش الأرواح فيها. كما تعلم، مثل باك “.

“القط الذي ينام داخل كل الأشياء الكبيرة؟ أراهن أنه لا يعرف شيئًا عن بطولاتي، صحيح؟ “

توهجت البلورة كما لو أن توبخ سوبارو على استخفافه، قبل أن يظهر صوت لا مبالٍ منها

“أوه، أبدًا يا سوبارو، أخبرتني ليا بكل شيء بعد انتهى كل شيء.”

وأخيرًا خرج سائل أزرق من البلورة وتشكل فوق كف إيميليا

“هياا ~ صباح الخير سوبارو، طقس جميل، هاه”

“لقد واجهت يومًا وليلة عصيبة، بدءًا بالممر الدائري وانتهاءً بتلك الفتاة الصغيرة والخطيرة، لكني تخطيت الأمر الآن وأبذل جهدي مع إيميليا -تان”

عبست شفتا إيميليا

“سيأخذ الناس انطباعًا خاطئًا عنا إن قلت ذلك”. ثم نظرت إيميليا إلى باك جالسة فوق راحة يدها.

“صباح الخير يا باك. آسف لدفعك بشدة يوم أمس “.

“صباح النور يا ليا، أنا من عليه الاعتذار بشأن ما حدث يوم أمس، لقد كدت أفقدك، لا يمكنني إيفاء سوبارو حقه من الشكر”.

نظر باك إلى سوبارو بعيونه السوداء المستديرة وهو يلمس أنفه الوردي بمخلبة.

“حسنًا ، أنا مدين لك، أتساءل ما إذا كان هناك شيء تريده؟ .. أعني أي شيء يمكنني القيام به من أجلك”

كان رد سوبارو على باك فوريًا: “حسنًا، اسمح لي بلمس فراءك بما يحتويه قلبي.”

اتسعت عيون باك وإيميليا، فقد فاجأهم سرعة الرد بقدر ما فاجأتهم ما قاله على ما يبدو

“ألا يفترض أن تتريث في قرارك هذا؟ قد يبدو باك صغيرًا وغير جدير بالثقة، ولكن مستوى قوته معتبر”.

“أوي، بالنسبة لي، فإن لمس الفراء -والذي هو أحد أجود أنواع الأقمشة- أمر عظيم بحد ذاته، لن آخذ أي المال في المقابل. كلا، أنا جاد.”

أثناء حديث سوبارو، غمس يمينه في فراء باك وحرك أصابعه مداعبًا بطنه أولاً، ثم ذقن، وأخيرًا أذناه اللتا كانتا أشبه بالضربة القاضية.

“أوه، ملمس هذه الآذان يسبب الإدمان! أنا مغرم تمامًا بملمس فروك هذا! “

“أعلم ما تقصده من قراءة أفكارك، ولكن سماعك تقول هذا بنفسك، واو”

كانت يد سوبارو تتجول بحرية بينما يصدر باك أصواتًا لطيفة.

تنهدت إيميليا وهي تشاهد سوبارو وباك يلعبان. “حسنًا، سأتحدث إلى الأرواح الدنيا الآن، لذا … لا بأس إن استمريتما باللعب، ولكن لا تتدخلا ، حسنا؟ “

“إذن، فقد تخلت عنا.”

“نعم ، لقد تخلت عنا.”

عندما أنزلا أكتافهما بخيبة أمل حرصت إيميليا على تجاهلهما، واتجهت بهدوء إلى ركن من أركان الحديقة، مسحت على الأرض بكفها قبل أن تجلس على العشب، ثم أغمضت عينيها لتبدأ الأضواء الشاحبة تحيط بها.

– لقد رأى هذا المنظر من قبل.

“أرواحٌ دنيا ، هاه؟”

“هذا صحيح. يتم تصنيف معظم الأرواح على أنها أرواح دنيا أو عظمى، بالرغم من أن كثيرًا من الأرواح تختلف عن هذه الفئتين”.

“لا أقصد بكلامي أن معلومتك لم تفدني… ولكنني لا أعرف كيف أصنفهم.”

عرفت سوبارو أن الأضواء المتلألئة حول إيميليا كانت أرواحًا دنيا، فقد قالت إيميليا الكثير عنها خلال حلقة في عاصمة الملكية.

جلست إيميليا تتحدث معهم، وبدا وكأن الأرواح- الصغيرة يزداد تألقها أو يتلاشى وفقًا لابتسامة إيميليا التي تظهر بين الحين والآخر.

“ميثاق احتفالي مع الروح – إقامة عهد” عبس سوبارو عند سماعه المصطلح الذي لم يسمع به من قبل.

“إمم .. كما ترى ، لا يمكن لمعلم الروح استخدام التعاويذ الروحية ما لم تتعاون معه الأرواح أولاً، تختلف تفاصيل المواثيق باختلاف الأرواح، فهمت؟ “

“إذن فهو لا يشبه الفائدة أو ضمانات القروض المصرفية. غوتشا ~ (فهمتك) “.

“اسمي ليس غوتشا، لكن ما علينا، لنكمل .. كل روح تريد شيئًا معينًا في مقابل الميثاق… لكن الأرواح الدنيا مثل هذه، تريد اتفاقيات بشروط بسيطة مثل التواصل المستمر وما إلى ذلك”

“إذن، فهي أشياء سهلة للمبتدئين، أفترض أن هذا لا ينفع مع الأرواح الأخرى؟ “

“من الجيد أنك سريع الاستيعاب، لن يصعب عليك فهم الباقي ان استمريت هكذا، هاه؟ “

يا إلهي، قال سوبارو بابتسامة خجلة، من جانبه نظر له باك بنظرة دافئة وهو يعبث بشواربه.

“صحيح، من الصعب قليلًا إرضاء روح بعقل مستقل مثلي، فأنا من النوع الذي يريد إعطاء منشئ الاتفاق أكثر مما آخذ … لكن شروطي مع ليا صارمة للغاية”.

“كـ – كلا لا تفعل! أتوسل إليك!”

بخدود منتفخة، اقتحمت إيميليا لعبتهم السخيفة.

عندما عادت إيميليا، كانت الأرواح قد تلاشت من حولها، يبدو أن وقت الحديث الروحي قد انتهى. وقف سوبارو ونفضل بقايا العشب عن مؤخرته.

”استمتعتِ؟ أظن أن الأمر كان أسهل مما توقعت”.

“قلد كنت منشغلة البال بأمركما، لذا طلبت منهم أن يبقوا حديثنا قصيرًا، هنالك أشياء علينا مناقشتها معًا اليوم”.

بينما تحدثت إيميليا مدت كفها ليقفز العفريت من على سوبارو ويهبط عليها. تحولت عيون باك الدائرية نحو إيميليا بما بدا وكأنه ابتسامة صغيرة راضية.

“كل شيء على ما يرام، شعرت بشعور جيد تجاهه، ولا يمكنني العثور على ذرة واحدة من الحقد أو العداء أو نية إلحاق الأذى، سوبارو ولد طيب بالرغم من أن شخصيته غريبة بعض الشيء “.

“انتظر لحظ- …”

بسماع تقييم باك الذي قدمه لإيميليا، لم يكن لسوبارو إلا أن تثاءب.

“أوه، لا بأس! أنا غريب عنك، لذا من الطبيعي أن يتحقق مني، شكوكِ في محلها، رغم أن ذلك مؤلم بضع الشيء، إيميليا تان! “

سرعان ما غطت إيميليا فمها بيد وابتسمت ابتسامة متألمة لسوبارو.

لم يسمح باك لسوبارو بلمسه دون سبب، كان يتوقع ذلكن فإيميليا والآخرون ليسوا مهملين لدرجة أن يقبلوا بسوبارو دون التحقق منه. لا شك في أن هذا يفسر جزئيًا سلوك رام وريم.

“بعد ما قلته، لا أملك أي طريقة جيدة للشرح.”

من الواضح أنه لم يكن هناك سجل سابق لسوبارو في هذا العالم، لقد شُرح له أنه قد تم استدعاؤه بعملية بيع صعبة ، مع الأخذ بالظن أنه قد يعامل كالمجنون.

وبأن ذلك كان هو الوضع، كان خيار ترك باك يقرأ أفكار سوبارو حكيمًا، فإيميليا تثق به كما أنه قادر على قراءة الأفكار الواعية، مما يعني أن تلك الطريقة أجدر بالثقة من مجرد كلمات يتفوه بها سوبارو.

“لا بأس يا ليا، أوه، بالنسبة لك يا سوبارو فأنا على علم بما كنت على وشك القيام به، أيها الفتى المشاكس، كيف لك أن تسمح لقدراتي بقراءة شيء كهذا؟!”.

“هذا من دواعِ سروري، لنتعايش معًا بشكل علني يا صديقي! “

الطريقة التي يخاطبهم بها سوبارو جعلت نظرة صادمة تعلو وجه باك الذي ابتسم ابتسامة عريضة لدى سماعها

“مرت فترة منذ آخر مرة تمت معاملتي هكذا، أحب هذا!”

“أفضل سماع هذه الكلمات من إيميليا -تان، لكن لابأس، كما يقولون، لإخضاع الجنرال، يجب أن يتم إخضاع حصانه أولًا .. حسنًا، أنت قطة نوعًا ما، فهل يبدو ما قلته ذو معنى، أتساءل؟”

اعتلى وجه إيميليا نظرة دهشة وهي تراقب سوبارو واضعة اصبعًا على ذقنها وغارقة في تفكير عميق.

عندها رفع سوبارو حاجبيه بفضول فتنهدت إيميليا وقالت: “سوبارو، أنت غريب حقًا!”

“هاه؟”

“أن تنظر لي على أنني قائد هكذا.. رغم أني شخص يشبه القز يمكنه التحدث إلى الأرواح كما لو أنه أمر عادي .. لقد فاجأني قولك، حتى وإن كان مجرد مزاح”

رد سوبارو في قلبه: أستتفاجأ إن علمت أنها ليست مزحة؟ لكنه نسي كل ذلك لأنه وقع تحت تأثير ابتسامة إيميليا الساحرة.

كانت تلك الابتسامة مشابهة للابتسامة التي أظهرتها له عندما تبادلوا الأسماء في العاصمة الملكية. بدا الأمر عابرًا ومتقلبًا مما جعل قلبه يخفق أكثر.

كان شعرها الفضي الجميل المتدفق يتلألأ مثل الندى تحت ضوء القمر، أما بشرتها فقد كانت بيضاء شاحبة كالثلج، أما عيناها البنفسجيتين فقد ألقت تعويذتها على عقل سوبارو رافضة تركه.

كان يعلم أنها فتاة سامية، وجميلة، تحمل في داخلها قلب قوي لا يتزعزع أحيط بالذهب الخالص.

لم يرغب سوبارو بشيء أكثر من وضع يديه على خديه وشكر الطبيعة الأم على وجودها، لكنه امتنع عن ذلك.

“هاه، أتساءل ما خطب هذين الإثنين؟”

وفور أن ذكرت إيميليا شيئًا لاحظته، توجهت أنظار سوبارو جهة القصر

كانت الخادمتان التوأم تسيران قدومًا من القصر، وفور أن وصلتا انحنيتا برسمية لسوبارو وإيميليا وهما يتحدثان بصوت متجانس هادئ:

من فضلكم“

لقد فاجأ مزيجهم المثالي سوبارو، ولكن التغير المفاجئ في سلوك الخادمتان فاجأه أكثر.

لم يعد لتصرفاتهم العابثة التي أظهراها سابقًا أي أثر، بل استبدلت بتصرفات راقية تليق بخدم الطبقة المخملية.

“فهمت، روزوال… من الأفضل أن نذهب لرؤيته إذن “.

“أجل، وقد طلب منا إحضار ضيفنا العزيز أيضًا، إن كان مستيقظًا”

تلوى باك في شعر إيميليا الفضي ليتغير وجه إيميلا بعد أن شدّ شعرها، عندما راقبها سوبارو من الجانب، شعر بألم في رقبته لدى سماع ذكر اسمه

“إذن، من يكون هذا الرجل المدعو روزوال؟”

“إنه رب هذا القصر … آه ، صحيح ، لم أشرح لك بعد” وضعت إيميليا راحة يدها في فمها عندما أدركت زلتها.

“روزوال هو .. آه، ستفهم الأمر عند مقابلته”

“لقد غيرتِ رأيك بشأن تفسير الأمر لي بسرعة! ماذا، أهو شخص تافه لدرجة يصعب عليكِ وصفها؟! “

رد كل من إيميليا وباك ورام وريم في انسجام تام … “كلا، بل العكس!”

انفتح فك سوبارو في مواجهة الانسجام الرباعي المفاجئ، لتغلق الفتاة ذات الشعر الأزرق فمه برفق من الأسفل بيدها قبل أن تنحني له برسمية.

أشارت الخادمة الأخرى ذات الشعر الوردي الواقف بجانبها إلى القصر.

“لا يمكن للمرء أن يصف أمثال السيد روزوال بالكلمات وحدها، ستفهم الأمر عندما تقابله أيضها الضيف العزيز، لا تقلق، فهو سيد طيب”

تبادل التوأم النظرات وأومئا لبعضهما لتأكيد شكوك سوبارو

رغم أن الحيرة ملأت قلب سوبارو إلا أن إيميليا بدت وكأنها وافقت على مضض مع ما قاله التوأم ونظرت إليه بلطف، ثم غمغمت إيميليا بصوت عالٍ وربتت على كتف:

“الأرجح أنك ستكون على ما يرام يا سوبارو، رغم أن الأمر سيرهقك”