رواية الورد المجنون وميض في العتمة

# الفصل الأول: كان الهواء في مصنع "دايسونغ للكيماويات الحيوية" ثقيلاً، مشبعاً برائحة المطهرات والموت الخافت، مزيج اعتاده كانغ جين-وو حتى صار جزءاً من خلفية وجوده الباهت. يعمل جين-وو كعامل نظافة في النوبة الليلية، وظيفة لا تتطلب منه سوى التجول في الممرات والأروقة والمعامل المعقمة، ممسحته ترسم خطوطاً رطبة تتلاشى بسرعة على الأرضيات المصقولة. وظيفة مثالية لشخص مثله، شخص يفضل الظلال والصمت، شخص يجد متعة خفية في مراقبة العالم من خلف قناع اللامبالاة.لم يكن جين-وو عادياً، وإن كان يتقن دور العادي ببراعة. خلف عينيه الهادئتين، اللتين تشبهان سطح بحيرة متجمدة، كانت تختبئ نفسٌ معقدة ومظلمة. سيكوباتي، نرجسي، وسادي – تسميات كان ليجدها مسلية لو تفوه بها أحدهم أمامه. هو لم يختر هذه الطبيعة، لقد نبتت فيه كزهرة سامة في تربة الإهمال والقسوة التي شكلت طفولته في ملجأ أيتام بائس في أحد أحياء إنتشون الفقيرة. تعلم مبكراً أن التعاطف ضعف، وأن الألم أداة، وأن العالم ليس سوى مسرح كبير مليء بالدمى التي يمكن التلاعب بها.الليلة، كما كل ليلة، كان جين-وو يؤدي مهامه بدقة آلية. مر بجوار مختبر الأبحاث رقم 3، حيث الأضواء الخافتة تكشف عن ظلال الأجهزة المعقدة. توقف للحظة، ليس للراحة، بل لأن شيئاً ما لفت انتباهه. قطة سوداء هزيلة، واحدة من تلك الأرواح الضالة التي تتسلل أحياناً إلى حرم المصنع بحثاً عن دفء أو طعام، كانت تجلس القرفصاء قرب حاوية نفايات بيولوجية، عيناها الزمرديتان تلمعان في الضوء الخافت.ابتسامة خفيفة، تكاد تكون غير مرئية، داعبت شفتي جين-وو. انحنى ببطء، ومد يده نحو القطة. لم تكن حركة ودودة، بل دعوة مبطنة بالخطر. ترددت القطة للحظة، ثم، مدفوعة بالجوع أو بالوحدة، تقدمت بحذر. عندما أصبحت في متناول يده، أمسكها جين-وو بقوة مفاجئة من عنقها، رفعت القطة مواءً مكتوماً من الألم والخوف. لم يشدد قبضته بما يكفي لخنقها، لا، فهذا سيكون سريعاً جداً. بدلاً من ذلك، بدأ يداعب فروها المتسخ بإصبعه، بينما عيناه تراقبان اتساع بؤبؤيها ورجفتها الخفيفة."أنتِ خائفة، أليس كذلك؟" همس بصوت ناعم كالحرير، صوت يتناقض بشكل صارخ مع البرودة القاسية في عينيه. "هذا جيد. الخوف يجعل الأشياء أكثر إثارة للاهتمام." استمر في "مداعبتها" لبضع دقائق أخرى، مستمتعاً بسيطرة كاملة على هذا الكائن الصغير العاجز. لم يكن هناك غضب أو كراهية في فعلته، بل فضول بارد، تجربة علمية تقريباً. ثم، بنفس الهدوء الذي بدأ به، فتح قبضته فجأة، فسقطت القطة على الأرض وانطلقت هاربة كالسهم في الظلام، تاركة وراءها شعيرات قليلة متناثرة وذكرى لمسة جليدية.تنهد جين-وو، ليس من إرهاق، بل من شعور خفيف بالملل. التسلية انتهت بسرعة. عاد إلى عمله، ممسحته تمحو أي أثر لوجوده. بعد حوالي ساعة، بينما كان ينظف غرفة تخزين للمواد الكيميائية منتهية الصلاحية، لاحظ شيئاً غريباً. في زاوية مهملة، تحت رف مغبر، كان هناك صندوق صغير مصنوع من مادة سوداء غير لامعة، لا يشبه أي شيء رآه في المصنع من قبل. لم يكن عليه أي ملصق أو علامة.عادة، كان جين-وو ليتجاهله. ليس من شأنه. لكن شيئاً ما في مظهر الصندوق، في هالة الصمت التي تحيط به، أثار فضوله المظلم. ارتدى قفازات مطاطية سميكة، وتناول الصندوق بحذر. كان بارداً بشكل غير طبيعي عند اللمس، رغم دفء الغرفة الخانق. حاول فتحه، لكنه كان محكم الإغلاق، بلا قفل ظاهر أو مفصلات.عبس قليلاً. التحدي يثير اهتمامه. تفحص الصندوق من كل زاوية، ثم، بحركة مفاجئة، ضربه بقوة بحافة ممسحته المعدنية. لم ينفتح، لكن صوتاً غريباً، مثل همهمة منخفضة التردد، انبعث منه للحظة ثم تلاشى. ازداد فضوله. وضع الصندوق على الأرض، وبدأ يبحث حوله عن أي أداة قد تساعده. وجد قضيباً معدنياً صغيراً، كان يستخدم لتحريك الأوعية الثقيلة.وضع طرف القضيب في شق رفيع بالكاد يرى على جانب الصندوق، وضغط بكل قوته. انبعث صوت طقطقة حادة، ثم انفتح الغطاء فجأة، كاشفاً عن محتويات الصندوق. لم يكن هناك شيء مادي بالداخل. لا أجهزة، لا مواد كيميائية، لا شيء سوى فراغ أسود حالك، فراغ بدا وكأنه يمتص الضوء من حوله. انحنى جين-وو ليلقي نظرة فاحصة، وشعر بدوار خفيف، كأن هذا الفراغ يسحبه إلى الداخل.وفجأة، ومض ضوء أزرق باهت من عمق الفراغ، ثم ظهرت أمامه مباشرة، في الهواء، نافذة شفافة تشبه شاشة لعبة فيديو، مكتوب عليها بحروف كورية بيضاء متوهجة:[تم استيفاء الشروط.][بدء تفعيل "نظام الصحوة المظلمة".][مرحباً بك، أيها اللاعب كانغ جين-وو.]اتسعت عينا جين-وو قليلاً، ليس من الخوف، بل من المفاجأة المطلقة. رفع يده ليلمس النافذة، فمرت يده من خلالها وكأنها ليست موجودة. أغمض عينيه ثم فتحهما. النافذة ما زالت هناك، تطفو بصمت، كلماتها تتوهج بثبات في عتمة الغرفة."نظام... الصحوة المظلمة؟" تمتم لنفسه. لمحة من شيء يشبه الترقب، أو ربما الجوع، ظهرت في عينيه. هذا... هذا قد يكون مثيراً للاهتمام أكثر من تعذيب القطط.ابتسامة بطيئة، حقيقية هذه المرة، انتشرت على وجهه. لم تكن ابتسامة فرح، بل ابتسامة مفترس وجد فريسة جديدة، أو عالِم مجنون على وشك البدء بتجربة خطيرة ومغرية. العالم الذي كان يعرفه، العالم الممل والرتيب، قد بدأ للتو في التغير. وهو، كانغ جين-وو، كان في مركز هذا التغيير.[المهارة الأولى المكتسبة: "عين المراقب البارد".][الوصف: يمكنك رؤية معلومات أساسية عن الكائنات الحية والأشياء غير الحية ضمن نطاق معين. التفاصيل تعتمد على مستوى مهارتك وفهمك للهدف.]نظر جين-وو إلى ممسحته. ظهرت نافذة صغيرة فوقها:[ممسحة صناعية – درجة العادية][المتانة: 7/10][الوصف: أداة تنظيف بسيطة. يمكن استخدامها كسلاح بدائي ضعيف جداً.]ثم نظر إلى القضيب المعدني الذي استخدمه لفتح الصندوق.[قضيب معدني – درجة العادية][المتانة: 9/10][الوصف: قطعة معدنية صلبة. يمكن استخدامها كأداة للرفع أو كسلاح بدائي فعال بشكل معتدل.][ملاحظة خفية: يحمل آثار طاقة مظلمة طفيفة جداً بسبب ملامسته لـ"بوابة الأبعاد المصغرة".]"بوابة الأبعاد المصغرة..." كرر جين-وو الكلمات بهدوء. إذاً، الصندوق لم يكن فارغاً. لقد كان بوابة. بوابة إلى ماذا؟ هذا ما سيكتشفه. وهذا الاكتشاف، كان يشعر به في أعماق كيانه الملتوي، سيكون ممتعاً للغاية.الرائحة المعتادة للمطهرات والموت الخافت في مصنع "دايسونغ للكيماويات الحيوية" بدأت فجأة تبدو وكأنها تحمل نكهة جديدة، نكهة إمكانيات لا حصر لها. بالنسبة لـ كانغ جين-وو، الليلة لم تعد مجرد نوبة عمل أخرى. لقد كانت بداية كل شيء.